٨١

وقوله : بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً ... (٨١)

وضعت بَلى لكل إقرار فى أوّله جحد ، ووضعت «نعم» للاستفهام الذي لا جحد فيه ، ف «بَلى » بمنزلة «نعم» إلا أنها لا تكون إلّا لما فى أوّله جحد قال اللّه تبارك وتعالى : «فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ» «٤» ف «بَلى » لا تصلح فى هذا الموضع. وأما الجحد فقوله : «أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ. قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ» «٥» ولا تصلح هاهنا «نعم» أداة وذلك أن الاستفهام يحتاج إلى جواب ب «نعم» و«لا» ما لم يكن فيه جحد ، فإذا دخل الجحد فى الاستفهام لم يستقم أن تقول «٦» فيه «نعم» فتكون كأنك مقرّ بالجحد وبالفعل الذي بعده ألا ترى أنّك لو قلت لقائل قال لك : أما لك مال؟ فلو قلت «نعم» كنت مقرّا بالكلمة بطرح الاستفهام وحده ، كأنك قلت «نعم» مالى مال ، فأرادوا أن يرجعوا عن الجحد ويقرّوا بما

 (٤) آية ٤٤ سورة الأعراف.

(٥) آية ٨ ، ٩ سورة الملك.

(٦) «أن تقول» : ساقط من ج ، ش.

بعده فاختاروا «بَلى » «١» لأنّ أصلها كان رجوعا محضا عن الجحد إذا قالوا : ما قال عبد اللّه بل زيد ، فكانت «بل» كلمة عطف ورجوع لا يصلح الوقوف عليها ، فزادوا فيها ألفا يصلح فيها الوقوف عليه ، ويكون رجوعا عن الجحد فقط ، وإقرارا بالفعل الذي بعد الجحد ، فقالوا : «بَلى » ، فدلّت «٢» على معنى الإقرار والإنعام ، ودل لفظ «بل» على الرجوع عن الجحد فقط.

(١) هذا على رأى من يقول : إن أصل «بلى». «بل» والألف فى آخرها زائدة للوقف ، فلذا كانت للرجوع بعد النفي ، كما كانت للرجوع عند الجحد فى : ما قام زيد بل عمرو ، وقال قوم : إن «بلى» أصل الألف.

(٢) أي الألف.

﴿ ٨١