٢٠

وقوله : فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ (٢٠) (ومن اتّبعن) للعرب فى الياءات التي فى أواخر الحروف - مثل اتبعن ، وأكرمن ، وأهانن ، ومثل قوله «دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ «٤» - وَقَدْ هَدانِ» «٥» - أن يحذفوا الياء مرة ويثبتوها مرة. فمن حذفها اكتفى بالكسرة التي قبلها دليلا عليها. وذلك

 (٤) آية ١٨٦ سورة البقرة. [.....]

(٥) آية ٨٠ سورة الأنعام.

أنها كالصلة إذ سكنت وهى فى آخر الحروف «١» واستثقلت فحذفت. ومن أتمّها فهو البناء والأصل. ويفعلون ذلك فى الياء وإن لم يكن قبلها نون فيقولون هذا غلامى قد جاء ، وغلام قد جاء قال اللّه تبارك وتعالى «فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ» «٢» فى غير نداء بحذف الياء. وأكثر ما تحذف بالإضافة فى النداء لأن النداء مستعمل كثير فى الكلام فحذف فى غير نداء. وقال إبراهيم «رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ» «٣» بغير ياء ، وقال فى سورة الملك «فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ» «٤» و«٥» «نَذِيرِ» وذلك أنهن رءوس الآيات ، لم يكن فى الآيات قبلهن ياء ثانية فأجرين على ما قبلهن إذا كان ذلك من كلام العرب.

ويفعلون ذلك فى الياء الأصلية فيقولون : هذا قاض ورام وداع بغير ياء ، لا يثبتون الياء فى شىء من فاعل. فإذا أدخلوا فيه الألف واللام قالوا بالوجهين فأثبتوا الياء وحذفوها. وقال اللّه «مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ» «٦» فى كل القرآن بغير ياء.

وقال فى الأعراف «فَهُوَ الْمُهْتَدِي» «٧» وكذلك قال «يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ» «٨» و«أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ» «٩». وأحبّ ذلك إلىّ أن أثبت الياء فى الألف واللام لأن طرحها فى قاض ومفتر وما أشبهه بما أتاها من مقارنة نون «١٠» الإعراب وهى ساكنة والياء ساكنة ، فلم يستقم جمع بين ساكنين ، فحذفت الياء لسكونها. فإذا أدخلت الألف واللام لم يجز إدخال النون ، فلذلك أحببت إثبات الياء. ومن حذفها فهو يرى هذه العلّة : قال : وجدت الحرف بغير ياء قبل أن تكون فيه الألف واللام ، فكرهت إذ دخلت أن أزيد فيه ما لم يكن. وكلّ صواب.

(١) كذا فى ش. وفى ح : «الحرف».

(٢) آية ١٧ سورة الزمر.

(٣) آية ٤٠ سورة إبراهيم.

(٤) آية ١٨.

(٥) آية ١٧.

(٦) آية ٩٧ سورة الإسراء ، وفيها :

و من يهد بالواو ، آية ١٧ سورة الكهف.

(٧) آية ١٧٨.

(٨) آية ٤١ سورة ق.

(٩) آية ١٨٦ سورة البقرة.

(١٠) يريد التنوين ، وجعله نون الإعراب لأنه يدخل فى المعرب وينكب عن المبنىّ.

و قوله وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ وهو استفهام ومعناه أمر. ومثله قول اللّه «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» «١» استفهام وتأويله : انتهوا. وكذلك قوله «هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ» «٢» وهل تستطيع ربّك «٣» إنما [هو] «٤» مسألة. أو لا ترى أنك تقول للرجل : هل أنت كافّ عنا؟ معناه : اكفف ، تقول للرجل : أين أين؟ :

أقم ولا تبرح. فلذلك جوزى فى الاستفهام كما جوزى فى الأمر. وفى قراءة عبد اللّه «هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. آمنوا» «٥» ففسّر (هل أدلكم) بالأمر.

وفى قراءتنا على الخبر. فالمجازاة فى قراءتنا على قوله (هل أدلكم) والمجازاة فى قراءة عبد اللّه على الأمر لأنه هو التفسير.

(١) آية ٩١ سورة المائدة.

(٢) آية ١١٢ سورة المائدة.

(٣) هذه قراءة الكسائي ، بنصب «ربك» أي هل تستطيع سؤال ربك. [.....]

(٤) زيادة اقتضاها السياق ، وهى فى تفسير الطبري.

(٥) آيتا ١٠ ، ١١ سورة الصف.

﴿ ٢٠