١١٣

وقوله : لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ ... (١١٣)

ذكر أمّة ولم يذكر بعدها أخرى ، والكلام مبنىّ على أخرى يراد لأن سواء لا بدّ لها من اثنين فما زاد.

ورفع الأمة على وجهين أحدهما أنك تكرّه على سواء كأنك قلت :

لا تستوى أمة صالحة وأخرى كافرة منها أمّة كذا وأمّة كذا ، وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان فى الكلام دليل عليه ، قال الشاعر «٣» :

عصيت إليها القلب إنى لأمرها سميع فما أدرى أرشد طلابها

 (٣) هو أبو ذؤيب الهذلىّ. والرواية المعروفة : «عصانى إليها القلب». وانظر ديوان الهذليين (الدار) ١/ ٧٢.

و لم يقل : أم غىّ ، ولا : أم لا لأن الكلام معروف المعنى. وقال الآخر :

أراك فلا أدرى أهمّ هممته وذو الهمّ قدما خاشع متضائل

و قال الآخر «١» :

و ما أدرى إذا يمّمت وجها أريد الخير أيّهما يلينى

أ الخير الذي أنا أبتغيه أم الشرّ الذي لا يأتلينى

و منه قول اللّه تبارك وتعالى : أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً «٢» ولم يذكر الذي هو ضدّه لأنّ قوله : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ «٣» دليل على ما أضمر من ذلك.

وقوله : يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ السجود فى هذا الموضع اسم للصلاة لا للسجود لأن التلاوة لا تكون فى السجود ولا فى الركوع.

(١) هو المثقب العبدىّ. وانظر الخزانة ٤/ ٤٢٩ ، وشرح ابن الأنبارى للمفضليات ٥٧٤. [.....]

(٢) آية ٩ سورة الزمر.

(٣) الآية السابقة.

﴿ ١١٣