ومن سورة الأعراف١قلت :«١» أرأيت ما يأتى بعد حروف الهجاء مرفوعا مثل قوله : المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ ومثل قوله : الم «٢» تَنْزِيلُ الْكِتابِ ، وقوله : الر «٣» كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ وأشباه ذلك بم رفعت الكتاب فى هؤلاء الأحرف؟ قلت : رفعته بحروف الهجاء التي قبله كأنك قلت : الألف واللام والميم والصاد من حروف المقطّع كتاب أنزل إليك مجموعا. فإن قلت : كأنك قد جعلت الألف واللام والميم والصاد يؤدّين عن جميع حروف المعجم ، وهو ثلاثة أحرف أو أربعة قلت : نعم ، كما أنك تقول : ا ب ت ث ثمانية وعشرون حرفا ، فتكتفى بأربعة أحرف من ثمانية وعشرين. فإن قلت : إن ألف ب ت ث قد صارت كالاسم لحروف الهجاء كما تقول : قرأت الحمد ، فصارت اسما لفاتحة الكتاب قلت : إن الذي تقول ليقع فى الوهم ، ولكنك قد تقول : ابني فى ا ب ت ث ، ولو قلت فى حاط لجاز ولعلمت بأنه يريد : ابني فى الحروف المقطّعة. فلما اكتفى بغير أوّلها علمنا أن أوّلها ليس لها باسم وإن كان أوّلها آثر فى الذكر من سائرها. فإن قلت : فكيف جاءت حروف (المص) (وكهيعص) مختلفة ثم أنزلا «٤» منزل با تا ثا وهنّ متواليات قلت : إذا ذكرن متواليات دللن على أب ت ث (١) كذا فى ش ، ج. يريد أن سائلا معينا وجه إليه هذا السؤال. وقد يكون الأصل : «فإن قلت» كما هو الشائع فى مثل هذا. (٢) أوّل سورة السجدة. (٣) أوّل سورة هود. (٤) أي مجموعنا (المص) و(كهيعص). والأنسب بالسياق : «أنزلن». بعينها مقطّعة ، وإذا لم يأتين متواليات دللن على الكلام المتصل لا على المقطّع. أنشدنى الحارثىّ : تعلمت باجاد وآل مزامر وسوّدت أثوابى ولست بكاتب «١» و أنشدنى بعض بنى أسد : لمّا رأيت أمرها فى حطّى وفنكت فى كذب ولط «٢» أخذت منها بقرون شمط ولم يزل ضربى لها ومعطى حتى على الرأس دم يغطى فاكتفى بحطى من أبى جاد ، ولو قال قائل : الصبى فى هوّز أو كلمن ، لكفى ذلك من أبى جاد. وقد قال الكسائىّ : رفعت كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وأشباهه من المرفوع بعد الهجاء بإضمار (هذا) أو (ذلك) وهو وجه. وكأنه إذا أضمر (هذا) أو (ذلك) أضمر لحروف الهجاء ما يرفعها قبلها لأنها لا تكون إلا ولها موضع. قال : أفرأيت ما جاء منها ليس بعده «٣» ما يرافعه مثل قوله : حم. عسق ، ويس ، وق ، وص ، مما يقلّ أو يكثر ، ما موضعه إذ لم يكن بعده مرافع قلت : (١) مرامر هو ابن مرة أو ابن مروة. وهو من أهل الأنبار ، من أوّل من كتب بالعربية. ويريد بآله حروف الهجاء لأنه اشتهر بتعليمها ، أو لأنه سمى أولاده الثمانية بأسماء جملها ، فسمى أحدهم أبجد وهكذا الباقي. وانظر اللسان فى مرر. [.....] (٢) كأنه يتحدّث عن امرأة لا يرضى خلقها ، حاول إصلاحها فلم تنقد له ولم تتقدّم ، كأنها تستمر فى أوّل وسائل تعلمها ، كالصبى لا يعدو فى تعلمه حروف الهجاء. وفنكت فى الكذب : لجت فيه وتمادت. واللط : ستر الخبر وكتمه. والمعط : الشدّ والجذب. والقرون الشمط : يريد خصل شعر رأسها المختلط فيه السواد والبياض ، يريد أنها جاوزت عهد الشباب. وقوله : على الرأس ، فعلى جارة. ويضح أن يقرأ : علا الرأس ، فيكون (علا) فعلا و(الرأس) مفعول. (٣) فى ش ، ج : «قبله». وظاهر أنه سهو من الناسخ. قبله ضمير «١» يرفعه ، بمنزلة قول اللّه تبارك وتعالى : بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ «٢» المعنى واللّه أعلم : هذه براءة من اللّه. وكذلك سُورَةٌ أَنْزَلْناها «٣»وكذلك كل حرف مرفوع مع القول ما ترى معه ما يرفعه فقبله اسم مضمر يرفعه مثل قوله : وَلا تَقُولُوا «٤» ثَلاثَةٌ انْتَهُوا المعنى واللّه أعلم : لا تقولوا هم ثلاثة ، يعنى الآلهة ، وكذلكقوله : سَيَقُولُونَ «٥» ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ المعنى واللّه أعلم : سيقولون هم ثلاثة. وقد قيل فى (كهيعص) : إنه مفسّر لأسماء اللّه. فقيل : الكاف من كريم ، والهاء من هاد ، والعين والياء من عليم ، والصاد من صدوق. فإن يك كذلك (فالذكر) مرفوع بضمير لا ب (كهيعص). وقد قيل فى (طه) إنه : يا رجل ، فإن يك كذلك فليس يحتاج إلى مرافع لأن المنادى يرفع بالنداء وكذلك (يس) جاء فيها يا إنسان ، وبعضهم : يا رجل ، والتفسير فيها كالتفسير فى طه. |
﴿ ١ ﴾