١٥

وقوله : وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً : [١٥] فيقال : من الساجد طوعا وكرها من أهل السموات والأرض؟ فالملائكة «١» تسجد طوعا ، ومن دخل فى الإسلام رغبة فيه أو ولد عليه من أهل الأرض فهو أيضا طائع. ومن أكره على الإسلام فهو يسجد كرها (وَ ظِلالُهُمْ) يقول : كل شخص فظلّه بالغداة والعشىّ يسجد معه. لأن الظلّ يفىء بالعشيّ فيصير فيئا يسجد.

وهو كقوله : (عَنِ الْيَمِينِ «٢» وَالشَّمائِلِ) فى المعنى واللّه أعلم. فمعنى الجمع والواحد سواء.

قوله : أَمْ هَلْ تَسْتَوِي «٣» الظُّلُماتُ وَالنُّورُ [١٦] : ويقرأ (أم هل يستوى الظّلمات والنّور) وتقرأ (تَسْتَوِي) بالتاء. وهو قوله : (وَ أَخَذَ الَّذِينَ «٤» ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) وفى موضع آخر :

(وَ أَخَذَتِ «٥»).

وقوله : أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها [١٧] :

ضربه مثلا للقرآن إذا نزل عليهم لقوله : (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) يقول قبلته القلوب بأقدارها وأهوائها.

(١) هذا شروع فى الجواب.

(٢) الآية ٤٨ سورة النحل.

(٣) هى قراءة أبى بكر وحمزة والكسائي وخلف.

(٤) الآية ٦٧ سورة هود.

(٥) فى الآية ٩٤ سورة هود.

و قوله : (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً) يذهب لا منفعة له ، كذلك ما سكن فى قلب من لم يؤمن وعبد آلهته وصار لا شىء فى يده (وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) فهذا مثل المؤمن.

ثم قال عزّ وجلّ : (وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ) من الذهب والفضة والنّحاس زبد كزبد السيل يعنى خبثه الذي تحصّله النار فتخرجه من الذهب والفضّة بمنزلة الزبد فى السيل.

وأماقوله : (ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ) يقول : يوقدون عليه فى النار يبتغون به الحلّى والمتاع ما يكون من النحاس والحديد هو زبد مثله.

وقوله : (فَيَذْهَبُ جُفاءً) ممدود أصله الهمز يقول : جفأ الوادي غثاءه «١» جفئا. وقيل : الجفاء :

كما قيل : الغثاء : وكل مصدر اجتمع بعضه إلى بعض مثل القماش «٢» والدّقاق «٣» والغثاء والحطام فهو مصدر. ويكون فى مذهب اسم على هذا المعنى كما كان العطاء اسما على الإعطاء ، فكذلك الجفاء والقماش لو أردت مصدره قلت : قمشته قمشا. والجفاء أي يذهب سريعا كما جاء.

(١) الغثاء ما يحمله السيل من ورق الشجر البالي والزبد وغيره وجف الوادي له : رميه إياه.

(٢) القماش : ما يجمع من هنا وهناك.

(٣) الدقاق : فتات كل شىء.

﴿ ١٥