ومن سورة إبراهيم

قول اللّه عزّ وجلّ : إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [١] اللَّهِ الَّذِي [٢].

يخفض فى الإعراب ويرفع «٣». الخفض على أن تتبعه (الْحَمِيدِ) والرّفع على الاستئناف لانفصاله من الآية كقوله عزّ وجلّ (إِنَّ «٤» اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) إلى آخر الآية ، ثم قال (التَّائِبُونَ «٥») وفى قراءة عبد اللّه (التائبين) كل ذلك صواب.

(١) هى قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف.

(٢) هى قراءة الحسن والمطوعى ، كما فى الإتحاف.

(٣) الرفع قراءة نافع وابن عامر وأبى جعفر. والخفض قراءة غيرهم.

(٤) الآية ١١١ سورة التوبة.

(٥) فى الآية ١١٢ سورة التوبة.

٤

وقوله : وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [٤].

يقول : ليفهمهم وتلزمهم الحجّة. ثم قال عزّ وجلّ (فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ) فرفع لأنّ النيّة فيه الاستئناف لا العطف على ما قبله. ومثله (لِنُبَيِّنَ «٦» لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) ومثله

(٦) الآية ٥ سورة الحج.

فى براءة (قاتِلُوهُمْ «١» يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ) ثم قال (وَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) فإذا رأيت الفعل منصوبا وبعده فعل قد نسق عليه بواو أو فاء أو ثمّ أو أو فإن كان يشاكل معنى الفعل الذي قبله نسقته عليه. وإن رأيته غير مشاكل لمعناه استأنفته فرفعته.

فمن المنقطع ما أخبرتك به. ومنه قول اللّه عز وجل (وَ اللَّهُ «٢» يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) رفعت (وَ يُرِيدُ الَّذِينَ) لأنها لا تشاكل (أَنْ يَتُوبَ) ألا ترى أن ضمّك إيّاهما لا يجوز ، فاستأنفت أو رددته على قوله (وَ اللَّهُ يُرِيدُ) ومثله (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ «٣») فيأبى فى موضع رفع لا يجوز إلا ذلك.

ومثلهقوله :

و الشعر لا يسطيعه من يظلمه يريد أن يعربه فيعجمه «٤»

و كذلك تقول : آتيك أن تأتينى وأكرمك فتردّ (أكرمك) على الفعل الأول لأنه مشاكل له وتقول آتيك أن تأتينى وتحسن إلىّ فتجعل (وتحسن) مردودا على ما شاكلها ويقاس على هذا.

(١) الآية ١٤ من سورة التوبة.

(٢) الآية ٢٧ سورة النساء.

(٣) الآية ٣٢ سورة التوبة.

(٤) هذا من رجز ينسب إلى الحطيئة قاله حين احتضاره. وانظر الخزانة فى الشاهد ١٤٩.

﴿ ٤