ومن سورة الحج

٢

قوله : تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ [٢]

رفعت القراء (كُلُّ مُرْضِعَةٍ)

لأنّهم جعلوا الفعل لهما.

ولو قيل : تذهل كلّ مرضعة وأنت تريد الساعة أنها تذهل أهلها كان وجها. ولم أسمع «٥» أحدا قرأ به والمرضعة : الأمّ «٦». والمرضع : التي معها صبّى ترضعه. ولو قيل «٧» فى الأمّ : مرضع لأنّ الرضاع لا يكون إلا من الإناث فيكون مثل قولك : طامث «٨» وحائض. ولو قيل فى التي معها صبى : مرضعة كان صوابا.

وقوله : (وترى الناس سكرى وما هم بسكرى) اجتمع الناس والقراء على (سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى )

حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد اللّه بن مسعود أنه قرأ «٩» (وترى الناس سكرى وما هم بسكرى) وهو وجه

 (٥) قرأ به ابن أبى عبلة واليماني كما فى البحر ٦/ ٣٥٠.

(٦) سقط فى ا.

(٧) الجواب محذوف أي جاز. وقوله : «لأن الرضاع لا يكون إلا من الإناث» دليل عليه.

(٨) الطامث : الحائض.

(٩) هى قراءة حمزة والكسائي وخلف ، وافقهم الأعمش. [.....]

جيّد فى العربية : (لأنه بمنزلة الهلكى والجرحى ، وليس بمذهب النشوان والنّشاوى «١». والعرب تذهب بفاعل وفعيل وفعل إذا كان صاحبه كالمريض أو الصريع أو الجريح فيجمعونه على الفعلى فجعلوا الفعلى علامة لجمع كل ذى زمانة وضرر وهلاك. ولا يبالون أكان واحده فاعلا أم «٢» فعيلا أم «٣» فعلان فاختير سكرى بطرح الألف من هول ذلك اليوم وفزعه. ولو قيل (سكرى) على أن الجمع يقع عليه «٤» التأنيث فيكون كالواحدة كان وجها ، كما قال اللّه : (وَ لِلَّهِ «٥» الْأَسْماءُ الْحُسْنى ) (والْقُرُونِ «٦» الْأُولى ) والناس. جماعة فجائز أن يقع ذلك عليهم. وقد قالت العرب : قد جاءتك الناس :

و أنشدنى بعضهم :

أضحت بنو عامر غضبى أنوفهم أتى عفوت فلا عار ولا بأس

فقال : غضبى للأنوف على ما فسّرت لك.

وقد ذكر أن بعض القراء قرأ (وَ تَرَى النَّاسَ)

و هو وجه جيد يريد : مثل قولك رئيت «٧» أنك قائم ورئيتك قائما فتجعل (سُكارى )

فى موضع نصب لأن (ترى) تحتاج إلى شيئين تنصبهما.

كما يحتاج الظنّ.

(١) ا : «النشوي».

(٢) ش ، ب : «أو».

(٣) ش ، ب : «أو».

(٤) ش ، ب : «على».

(٥) الآية ١٨٠ سورة الأعراف.

(٦) الآية ٤٣ سورة القصص.

(٧) كذا. وكأن الصواب : أريت. وكذا قوله بعد : «رئيتك قائما» كأن الصواب : أريتك قائما.

﴿ ٢