١١

وقوله : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) ثم استثنى فقال : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) ثم بدّل حسنا بعد سوء) [١١] فهذا مغفور له. فيقول القائل. كيف صيّر خائفا

 قلت : فى هذه وجهان : أحدهما أن تقول :

إن الرّسل معصومة مغفور لها آمنة يوم القيامة. ومن خلط عملا صالحا وآخر سيّئا فهو يخاف ويرجو :

فهذا وجه. والآخر أن تجعل الاستثناء من الذين تركوا فى الكلمة لأنّ المعنى : لا يخاف المرسلون إنما الخوف على غيرهم.

ثم استثنى فقال : إلّا من ظلم فإنّ هذا لا يخاف يقول : كان مشركا فتاب وعمل حسنا فذلك مغفور له ليس بخائف.

وقد قال بعض النحويّين : إن (إلا) فى اللغة بمنزلة الواو ، وإنما معنى هذه الآية : لا يخاف لدىّ المرسلون ولا من ظلم ثم بدّل حسنا. وجعلوا مثله قول «٢» اللّه : (لِئَلَّا يَكُونَ «٣» لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي ولا الذين ظلموا. ولم أجد العربيّة تحتمل ما قالوا ، لأنى لا أجيز قام الناس إلا عبد اللّه ، وهو قائم إنما الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد إلّا من معنى الأسماء قبل إلّا. وقد أراه جائزا أن تقول : عليك ألف سوى ألف آخر ، فإن وضعت (إلّا) فى هذا الموضع صلحت وكانت (إلّا) فى تأويل ما قالوا. فأمّا مجرّدة ١٣٥ ب قد استثنى قليلها من كثيرها فلا. ولكن مثله ممّا يكون فى معنى إلّا كمعنى الواو وليست بها.

 (٢) ش : «فى قول». [.....]

(٣) الآية ١٥٠ سورة البقرة.

قوله : (خالِدِينَ «١» فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) هو فى المعنى :

إلّا الذي شاء ربّك من الزيادة. فلا تجعل إلا (فى «٢» منزلة) الواو ولكن بمنزلة سوى. فإذا كانت سوى فى موضع إلّا صلحت بمعنى الواو لأنك تقول : عندى مال كثير سوى هذا أي وهذا عندى كأنك قلت : عندى مال كثير وهذا. وهو فى سوى أنفذ منه فى إلّا لأنك قد تقول : عندى سوى هذا ، ولا تقول : إلّا هذا.

(١) الآيتان ١٠٧ ، ١٠٨ سورة هود.

(٢) ا : «بمنزلة».

﴿ ١١