٦

وقوله : خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها [٦] يقول القائل : كيف قال :

(خلقكم) لبنى آدم. ثم قال : (ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) والزوج مخلوق قبل الولد؟ ففى ذلك وجهان من العربيّة :

أحدهما : أن العرب إذا أخبرت عن رجل بفعلين ردّوا الآخر بثمّ إذا كان هو الآخر فى المعنى. وربّما جعلوا (ثمّ) فيما معناه التقديم ويجعلون (ثم) من خبر المتكلّم. من ذلك أن تقول : قد بلغني ما صنعت يومك هذا ، ثمّ ما صنعت أمس أعجب. فهذا نسق من خبر المتكلّم.

وتقول : قد أعطينك اليوم شيئا ، ثمّ الذي أعطيتك أمس أكثر ، فهذا من ذلك.

والوجه الآخر : أن تجعل خلقه الزوج مردودا على (واحدة) كأنه قال : خلقكم من نفس وحدها ، ثمّ جعل منها زوجها. ففى (واحدة) معنى خلقها واحدة.

قال : أنشدنى بعض العرب :

أعددته للخصم ذى التعدّى كوّحته منك بدون الجهد «١»

و معناه الذي إذا تعدى كوّحته ، وكوّحته : غلبته

(١) ورد فى اللسان (كوح) عن أبى عمرو.

﴿ ٦