١١

وقوله عز وجل : فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١).

ولم يضم إلى قوله : [فلا اقتحم ] كلام آخر فيه (لا) لأن العرب لا تكاد تفرد (لا) فى الكلام حتى يعيدوها عليه فى كلام آخر ، كما قال عز وجل : «فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى «٨»» و«لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «٩»» ، وهو مما كان فى آخره معناه ، فاكتفى بواحدة من

 (٨) سورة القيامة ، الآية : ٣١.

(٩) سورة يونس ، الآية : ٦٢.

أخرى.

أ لا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بشيئين ، فقال : «فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ» ، ثم كان [من الذين آمنوا «١»] ففسرها بثلاثة أشياء ، فكأنه كان «٢» فى أول الكلام ، فلا فعل ذا ولا ذا ولا ذا «٣».

وقد قرأ العوام : «فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ «٤»» (١٤) ، وقرأ الحسن البصري : «فَكُّ رَقَبَةٍ» وكذلك على بن أبى طالب [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد «٥»] قال : حدثنا الفراء قال : وحدثنى «٦» محمد بن الفضل المروزي عن عطاء عن أبى عبد الرحمن عن على أنه قرأها :

«فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ «٧»» وهو أشبه الوجهين بصحيح العربية لأن الإطعام : اسم ، وينبغى أن يرد على الاسم «٨» اسم مثله ، فلو قيل : ثم إن كان أشكل للإطعام ، والفك ، فاخترنا : فكّ رقبة لقوله : «ثُمَّ كانَ» ، والوجه الآخر جائز تضمر فيه (أن) ، وتلقى [١٣٨/ ب ] فيكون مثل قول الشاعر «٩» :

ألا أيها ذا الزّاجرى أحضر الوغى وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدى

ألا ترى أن ظهور (أن) فى آخر الكلام يدل : على أنها معطوفة على أخرى مثلها فى أول الكلام وقد حذفها.

(١) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.

(٢) فى ش ، قال.

(٣) هذه رواية : ش.

(٤) وهو اختيار أبى عبيد ، وأبى حاتم ، لأنه تفسير لقوله تعالى : «وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ»؟ ثم أخبره فقال :

«فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ» ، والمعنى : اقتحام العقبة : فك رقبة أو إطعام (تفسير القرطبي ٢٠/ ٧٠)

(٥) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.

(٦) فى ش : حدثنى.

(٧) وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي : أيضا (تفسير القرطبي : ٢٠/ ٧٠).

(٨) فى ش : على اسم مثله.

(٩) لطرفة فى معلقته ، وأحضر بالنصب بأن المحذوفة على مذهب الكوفيين ، والبصريون يروونه بالرفع (الإنصاف : ٣٢٧) وانظر (الخزانة ١/ ٥٧ و٣/ ٥٩٤ ، ٦٢٥).

﴿ ١١