٧

 وقوله جل وعز { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات }

 روي عن ابن عباس المحكمات الثلاث الآيات { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم } الى ثلاث آيات والتي في بني اسرائيل { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه }

 قال والمتشابه ما تشابه عليهم نحو الم والمر

 وقال يحيى بن يعمر المحكمات الفرائض والامر والنهي وهن عماد الدين وعماد كل شيء أمة

 وقال مجاهد وعكرمة نحوا من هذا قالا ما فيه من الحلال والحرام وما سوى ذلك فهو متشابه يصدق بعضه بعضا

 وقال قتادة نحوه قال المحكم ما يعمل به

 وقال الضحاك المحكمات الناسخات والمتشابهات المنسوخات

 وقال ابن عباس { كل من عند ربنا } يعني ما نسخ وما لم ينسخ

 قال ابن كيسان احكامها بيانها وايضاحها وقد يكون ايجابها والزامها وقد يكون انها لا تحتمل الا معاني الفاظها ولا يضل أحد في تاويلها

 ويجمع ذلك ان كل محكم تام الصنعة وقد يكون الاحكام ها هنا المنع من احتمال التأويلات ومنه سميت حكمة الدابة

لمنعها اياها

 قال متشابهات يحتمل ان يشبه اللفظ اللفظ ويختلف المعنى او يشتبه المعنيان ويختلف اللفظ او يشتيه الفعل من الامر والنهي فيكون هذا نحو الناسخ والمنسوخ

 وقيل المتشابهات ما كان نحو قوله تعالى { ثلاثة قروء }

 وأجمع هذه الاقوال ان المحكم ما كان قائما بنفسه لا يحتاج الى استدلال والمتشابه ما لم يقم بنفسه واحتاج الى استدلال

 وقال اللّه عز وجل { منه آيات محكمات } وقد قال { كتاب أحكمت آياته } وقال { وأخر متشابهات } وقد قال { كتابا متشابها } فالجواب ان معنى { أحكمت آياته } جعلت كاها محك

 ثم فصلت فكان بعضها أم

الكتاب وليس قوله { منه آيات محكمات } بمزيل الحكمة عن المتشابهات وكذا كتابا متشابها وليس قوله { وأخر متشابهات } بمزيل عن المحكمات ان تكون متشابهات في باب الحكمة بل جملته اذا كان محكما لاحقة لجميع ما فصل منه وكتابا متشابها أي متشابها في الحكمة لا يختلف بعضه مع بعض كما قال تعالى { ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا }

 وقد بينا معنى { منه آيات محكمات } بأقاويل العلماء فيه

 وهذا معنى قول ابن عباس انها ما أوجب اللّه على عباده من أحكامه اللازمة التي لم يلحقها تغير ولا تبديل

 وقد يكون المحكم ما كان خبرا لانه لا يلحقه نسخ والمتشابه الناسخ والمنسوخ لانهم لا يعلمون منتهى ما يصيرون اليه

منه وفي كل ذلك حكمة وبعضه يشبه بعصا في الحكمة

 وقال تعالى { هن أم الكتاب } ولم يقل امهات

 قال الاخفش هذا حكاية

 قال الفراء هن ام الكتاب لان معناهن شيء واحد

 قال ابن كيسان وأحسب الاخفش اراد هذا أي هن الشيء الذي يقال هو ام الكتاب أي كل واحدة منهن يقال لها أم الكتاب كما تقول أصحابك علي اسد ضار أي واحد كاسد ضار لانهم جروا مجرى شيء واحد في الفعل

 ومنه { وجعلنا ابن مريم وأمه آية } لان شانهما واحد

في انها جاءت به من غير ذكر وانه لااب له فلم تكن الآيةةلها الا به و لا له الا بها ولم يرد ان يفصله منها فيقول آيتين

 وكذلك هن ام الكتاب انما جعاهن شيئا واحدا في الحكمة والبيان فذلك الشيء هو ام الكتاب

 ثم قال تعالى { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه }

 روى أيوب عن ابن ابي مليكة عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه } قال فاذا رايتم الذين يجادلون فيه فهم اؤلئك فاحذروهم

 قال ابن عباس هم الخوارج

 وقال ابو غالب قال أبو أمامة الباهلي ورأى رؤوسا

من رؤوس الخوارج فقرأ { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه

 ثم قال هم هؤلاء فقلت يا ابا أمامة أشيئا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أم شيئا قلته من رأيك فقال أني اذا لجريء يقولها ثلاثا بل سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث

 قال مجاهد الزيغ الشك وابتغاء الفتنة الشبهات

 وقيل افساد ذات البين

 وقد ذكرنا تصرف الفتنة

 والتأويل من قولهم آل الامر الى كذا

 الى صار اليه وأولته تأويلا صيرته اليه

 قيل الفرق بين التأويل والتفسير ان التفسير نحو قول العلماء الريب الشك والتاويل نحو قول ابن عباس الجد أب وتامل قول اللّه يابني آدم

 ثم قال تعالى { وما يعلم تأويله إلا اللّه والراسخون في العلم يقولون آمنا به }

 في هذه الآية اختلاف كثير

 منه ان التمام عند قوله لا اللّه وهذا قول الكسائي والاخفش والفراء وابي عبيدة وابي حاتم

 ويحتج في ذلك بما روى طاووس عن ابن عباس انه قرأ وما يعلم تأويله الا اللّه ويقول الراسخون في العلم آمنا به

 وقال عمر بن عبد العزيز انتهى علم الراسخين في العلم الى ان قالوا آمنا به

 قال ابن كيسان التاويل في كلام العرب ما يؤول اليه معنى الكلام فتاويله ما يرجع اليه معناه وما يستقر عليه الامر في ذلك المشتيه هل ينجح ام لا فالكلام عندي منقطع على هذا

 والمعنى والثابتون في العم المنتهون الى ما يحاط به منه مما اباح اللّه خلقه بلوغة يقولون آمنا به على التسليم والتصديق به وان لم ينتهوا الى علم ما يوؤل اليه أمره

 ودل على هذا { كل من عند ربنا } أي المحكم والمتشابه فلو كان كله عندهم سواء لكان كله محكما ولم ينسب شيء منه ألى المتشابه

 قال ابو جعفر وهذا قول حسن واكنه على قول من قال المحكم الذي لا ينسخ نحو الاخبار ودعاء العباد الى التوحيد والمتشابه ما يحتمل النسخ من الفرائض لم يكن الى العباد علم تاويله وما يثبت عليه

 ومن جعل تأويله بمعنى تفسيره لانه ما يؤول اليه معنى الكلام فالراسخون في العلم عنده يعلمون تأويله

 كما روى ابن نجيج عن مجاهد الراسخون في العلم يعلمون تأويله يقولون آمنا به

 قال مجاهد قال ابن عباس أنا ممن يعلم تأويله

 قال ابو جعفر والقول الاول وان كان حسنا فهذا أبين منه لان واو العطف الاولى بها ان تدخل الثاني فيما دخل فيه الاول حتى يقع دليل بخلافة

 وقد مدح اللّه عز وجل الراسخين بثباتهم في العلم فدل على انهم يعلمون تأويله

 وقد قال جل وعز { أفلا يتدبرون القرآن }

 وفي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم انه دعا لابن عباس فقال

 اللّهم فقهه في الدين وعلمه التأويل

 وقال ابو اسحاق معنى ابتغائهم تأويله انهم طلبوا تأويل بعثهم واحيائهم فاعلم اللّه عز وجل ان تأويل ذلك ووقته لا يعلمه الا اللّه

 قال والدليل على ذلك قوله { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله } أي يوم يرون ما وعدوا به من البعث والنشور والعذاب { يقول الذين نسوه } أي تركوه { قد جاءت رسل ربنا بالحق } أي قد رأينا تأويل ما انبأتنا به الرسل

 قال والوقف التام { وما يعلم تأويله إلا اللّه } أي يعلم احد متى البعث غير اللّه

﴿ ٧