١٦وقوله جل وعز { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها } يقرأ هذا الحرف على وجوه روى عن عبد اللّه بن مسعود أنه قرأ { أمرنا } بالقصر والتخفيف وكذلك يروي عن ابن عباس وروى عن علي بن أبي طالب رضى اللّه عنه أنه قرأ { أمرنا مترفيها } وكذلك قرأ أبو عثمان النهدي وأبو العالية وقرأ الحسن والأعرج وابن أبي اسحق { أمرنا مترفيها } وروى { أمرنا مترفيها } على فعلنا عن ابن عباس هذه القراءة أيضا قال أبو جعفر من قرأ { أمرنا مترفيها } ففي قراءته ثلاثة أقوال أحدها وأثبتها ما قاله ابن جريج وزعم أنه قول ابن عباس وهو أن المعنى أمرناهم بالطاعة ففسقوا قال محمد بن يزيد قد علم أن اللّه عز وجل لا يأمر إلا بالعدل والإحسان كما قال تعالى { إن اللّه يأمر بالعدل والإحسان } فقد علم أن المعنى أمرنا مترفيها بالطاعة فعصوا قال مجاهد مترفوها فساقها وقال أبو العالية مستكبروها والمعنى أمرناهم بالطاعة والفاسق إذا أمر بالطاعة عصى فعصوا فحق عليهم القول بالعصيان أي وجب والقول الثاني في معنى { أمرنا } قال معمر عن قتادة قال { أمرنا } أكثرنا قال الكسائي يجوز أن يكون أمرنا بمعنى أمرنا من الإمارة وأنكر أن يكون أمرنا بمعنى أكثرنا وقال لا يقال في هذا إلا أمرنا قال أبو جعفر وهذا القول الثالث أعني قول الكسائي ينكره أهل اللغة وقد حكى أبو زيد وأبو عبيدة أنه يقال أمرنا بمعنى أكثرنا ويقوي ذلك الحديث المرفوع خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة والسكة المأبورة النخل الملقح والمهرة المأمورة الكثيرة النتاج فأما معنى أمرنا ففيه قولان أحدهما رواه معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال أمرنا سلطنا وكذلك قال أبو عثمان النهدي وروى وكيع عن ابي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أنه قرأ { أمرنا } مثقلة أي سلطنا مستكبريها والقول الثاني رواه الكسائي عن ابي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية { أمرنا } أي أكثرنا وليس بمبعد ما رواه الكسائي ويكون مثل سمن الدابة وسمنته وأسنمته قال أبو جعفر وهذا أولى قال جل وعز { ففسقوا فيها } فوصف أنهم جماعة والقرية الواحدة لا توصف إن فيها جماعة امراء إن قيل يكون واحدا فقد قيل وهذا خصوص والهلاك بالكثرة فتكثر المعاصي فأما معنى ءآمرنا فأكثرنا كذلك قال الحسن ويحتمل معنى آمرنا أكثرنا عدهم وأكثرنا يسارهم وحقيقة أمر كثرت املاكه من مال أو غير ذلك من حالة ومن { لقد جئت شيئا إمرا } قال الكسائي عظيما وقال هارون في قراءة أبي{ وإذا أردنا أن نهلك قرية بعثنا فيا أكابر مجرميها فمكروا فيها فحق عليها القول } فاما معنى آمرنا فلا يكاد يعرف لأنه إنما يقال أمر القوم إذا كثروا وآمرهم اللّه أي أكثرهم ولا يعرف أمرهم اللّه |
﴿ ١٦ ﴾