٢٠وقوله عزَّ وجلَّ : (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) (يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ) فيه لغتان : يقال خَطِفَ يخطَفُ ، وخطَف يخْطِف ، واللغة العالية التي عليها القراءَة " خَطِفَ يخطَفُ " ، وهذا الحرف يروى عن العرب والقراء. وفيه لغات تروى : عن الحسن " يَخَطِّف أبصارهم " بفتح الياءِ والخاءِ وكسر الطاءِ ، " ويروى أيضاً " يخطِّف بكسر الياءِ والخاءِ ، والطاءِ ، ويروى أيضاً لغة أخرى ليست تسوغ في اللفظ لصعوبتها ، وهي إسكان الخاءِ والطاءِ . وقد روى سيبويه مثل هذا. رده عليه أصحابه وزعموا أنه غير سائغ في اللفظ وأن الشعرَ لا يجمع في حشوه بين ساكنين ، قال : وَمَسْحِهِ مَرُّ عُقابٍ كاسِرِ يبدل من الهاءِ حاءً ويدغم الحاءَ الأولى فى الثانية ، والسين ساكنة فيجمع بين ساكنين ، فأما بعد يَخْطَف فالجيِّد يَخَطف ويخطف فمن قال يَخَطَف فالأصل يخْتَطِف فأدغمت التاء - في الطاءِ وألقيت على الحاءِ فتحة التاءِ ، ومن قال " يخِطَف " كسر الخاءَ لسكونها وسكون الطاءِ ، وَزَعَمَ بعض النَحوِيينَ أنَّ الكسْر لالتِقَاءِ الساكِنين ههنا خطأ وأنه يلزم من قال هذا أن يقول في يَعَضُّ يَعِضُّ ، وفي يَمُدُّ يَمِدُّ . وهذا خَلْط غيرُ لازم ، لأنه لَوكَسَرَهَا هَهُنَا لالتَبَسَ ما أصله يفعَل ويفعُل بما أصله يَفْعِل ، ويخطف ليس أصله غير هذا . ولا يكون مرة على يفتَعِل ومرة على يفتَعَلُ . فَكسِرَ لالتقاءِ السَّاكنين في موضع غير ملبس وامتنع في المُلْبِس من الكسر لالتقاءِ السَّاكنين ، وألزم حركة الحرف الذي أدغمه لتدل الحركة عليه. ومعنى خطفت الشيء في اللغة واختطفته أخذته بسرعة. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ). يقال ضاءَ الشيءُ يَضوء وأضَاءَ يُضِيءُ ، وهذه اللغة الثانية هي المختارة ، ويقال أظْلَمَ وظَلَم ، وأظْلَمَ المختارُ. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (وَلَوْ شَاءَ اللّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) وقد فسرنا توحيد السمع ، ويقال أذهبته وذهبت به. ويروى أذْهَبْت به وهو لغة قليلة ، فأما ذكر () في (مَثَلَهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي). إِلى ( كصيب) فأو دَخلت ههنا لغير شك ، وهذه يسميها الحذاق باللغة " وَاوَ اَلِإباحة " فتقول جالس القراءَ الفُقَهَاءَ ، أصْحَابَ الحديث أصْحَابَ النحو ، فالمعنى أن التمثيل مباح لكم في المنافقين إنْ مثلْتُمُوهم بالذي استوقد ناراَ فذاك مثلهم وإِن مثلتموهم بأصحاب الصيب فهذا مثلهم ، مثلتموهم بهما جميعاً فهما مثلاهم - كما أنك إذا قلت جالس الحسن ابن سيرين فكلاهما أهل أن يجالس - إن جالست الحسن فأنت مطيع وإِن جمعتهما فأنت مطيع. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ). ويروى " أيضاً " حِذَار الموْتِ ، والذي عليه قرَّاؤُنَا (حَذَرَ الموت) ، وإنما نصت (حذرالموت) لأنه مفعول له ، والمعنى يفعلون ذلك لحذر الموت. وليس نصبه لسقوط اللام ، وإِنما نصبه أنه في تأويل المصدر كأنه قال يحذرون حذراً لأن جعلهم أصابعهم في آذانهم - من الصواعق يدل على حذرهم الموت ، وفال الشاعر : وأغفر عوراءَ الكريم ادِّخَارَهُ . . . وأُعْرِض عن شَتْم اللئِيمِ تَكَرما والمعنى لادخاره - و وأغفر عوراء الكريم معناه وأدخر الكريم. * * * |
﴿ ٢٠ ﴾