٧١

وقوله عزَّ وجلَّ : (قَالَ إنَهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (٧١)

معناه ليست بذلول ولا مثيرة.

و (وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ) يقال : سقيته إِذا ناولته فشرب.

وأسقيته جعلت له سقياً ، فيَصِح ههنا ولا تُسْقِي بالضَم.

و (لَا شِيَةَ فِيهَا).

أي ليس فيها لون يفارق لونها ، والوَشى في اللغة خلطُ لون بلون

وكذلك في الكلام ، يقال وشيْت الثوب أشِيه شِيَة ووَشْياً ، كَقَوْلك وَديْت فلاناً أدِيه دِيَةً ، ونصب (لَا شِيَةَ) فيه على النَّفْي ، ولوْ قرئ لَا شيةٌ فيها لجاز ، ولكن القراءَة بالنصب.

و (الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ).

فيه أربعة أوْجهٍ حكى بعضَها الأخفش : فأجودها " قالوا الآن " بإسكان

اللام وحذف الواو مَن اللفظ ، وزعم الأخفش أنه يجوز قطع ألف الوصل ههنا فيقول :

قالوا : (ألْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) وهذه رواية ، وليس له وجه في القياس ولا

هي عندي جائز ، ولكن فيها وجهان غير هذين الوجهين : وهما جيدان في

العربية ، يجوز " قالوا لأن على إلقاءِ الهمزة ، وفتح اللام من الآن ، وترك

الواو محذوفة لالتقاءِ الساكنين ، ولا يعتد بفتحة اللام.

ويجوز : " قَالوا لان جِيتَ بالحق " ولا أعلم أحداً قرأ بها ، فلا يَقْرَأن بحرف لم يقرأ به وإِن كان ثَابِتاً في العربية.

والذين أظهروا الواو أظهروها لحركة اللام لأنهم كانوا حذفوها لسُكونها.

فلما تحركت ردوها.

والأجود في العربية حَذْفُها لأن قرأ (ب تقول " الأحمر "

ويلقون الهمزة فيقولون " لَحْمر " فيفتحون اللام ويقرأون ألف الوصل لأن اللام في نية السكون ، وبعضهم يقولُ - " لَحْمَر " ولا يُقِرُّ ألفَ الوصل يريد الأحمر.

فأمَّا نصب (الآن) فهي حركة لالتقاءِ السَّاكنين ، ألا ترى أنك تقول :

أنا الأن أكرمك ، وفي الآن فعلت كذا وكذا ، وإنما كان في الأصل مبنياً

وحرك لالتقاءِ السَّاكنين ، وبنى (الآن) ، وفيه الألف واللام ، لأن الألف واللام دخلتا بعهد غير متقدم.

إِنما تقول الغَلامَ فعل كذا إذا عهدته أنت ومخاطبتك ، وهذه الألف واللام تنوبان عن معنى الِإشارة.

 أنت إِلى هذا الوقت تفعل ، فلم يعرب الآن كما لا يعرب هذا.

* * *

﴿ ٧١