٧٢

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّه مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢)

ْ* معناه فَتَدارَأتمْ فيها ، أي تدافعتم ، أي ألقى بعضكم على بَعْض ، -

يقال درأتُ فلاناً إِذا دافعتُه ، وداريْتُه إِذا لاينته ، ودَرَّيْته إِذا خَتَلته ، ولكن التاءَ أدغمت فى الدال لأنها . من مخرج واحد ، فَلما أدغمت سكنت فاجتلبت لها ألف الوصل ، فتقول : ادارا القومْ أي تَدَافَع القوْم .

وقوله عزَّ وجلَّ : (مُخْرُجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ).

الأجود في (مُخْرُجٌ) التنوين لأنه إنما هو لِمَا يستقبل  للحَال ، ويجوز

حذف التنوين استخفافاً فيقرأ ، مخرجُ مَا كنتم تكتمون ، فإن كان قُرئ به

وإِلا فلا يخالَف القرآن كما شرحنا.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ : (إن البَقَر تشَابَه عَلَيْنَا)

القراءَة في هذا على أوجه ، فأجْودها والأكثر (تَشَابَهَ علينا) على فتح الهاءِ

والتخفيف ، ويجوز " تَشَّابَه " علينا ، ويَشَّابَه علينا - بالتاء والياءِ.

وقد قرئ " إن البَاقِر يَشَّابَهً عَلينا " والعرب تقول في جمع البقر والجمال . الباقر والجامل ، يجعلونه اسماً للجنس ، قال طرفة بن العبد :

وجامل خوَّع مِنْ نيْبِه . . .زجرُ المُعَلَّى أصُلا وَالسفيح

ويروي " مِنِي به " وهو أكثر الرواية ، وليس بشيء

وقال الشاعر :

ما لي رأيتك بعد عهدك موحشا . . . خَلَقاً كحوض الباقر المتهدم

وما كان مثل بقرة وبقر ، ونخلة ونخل ، وسحابة وسحاب ، فإن العرب

تذكره ، وتؤَنثه ، فتقول هذا بقر وهذه بقر ، وهذا نخل وهذه نخل.

فمن ذكَّر فلأن في لفظ الجمع أن يعبر عن جنسه فيقال : فتقول هذا جَمْع ، وفي لفظه أن يعبر عن الفرقة والقطعة ، فتقول هذه جماعة وهذه فرقة - قال اللّه عزَّ وجلَّ :

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّه يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) فذكًر ، وواحدته سحابة.

وقال : (والنَخْلَ بَاسِقَاتٍ) فجمع على معنى جماعة ، ولفظها واحد.

فمن قرأ (إن البقرَ تَشَابه علَيْنَا) فمعناه أن جمَاعةَ البقر تَتَشَابَه عَلَيْنَا.

فأُدْغِمتِ التاءُ في الشين لقرب مخرج التاءِ من الشين ، ومن قرأ تَشَّابَهُ علينا ، أراد تتشابه فحذف التاءَ الثانية لاجتماع تاءَين كما قرئ (لعلكم تَذَكرون) ومن قرأ (يَشَّابَه علينا) - بالياءِ - أراد جنس البقر أيضاً ، والأصل يتَشَابه علينا ، فأدغم التاءُ في الشين.

* * *

﴿ ٧٢