٨٨وقوله عزَّ وجلَّ : (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨) تقرأ على وجهين غُلْف وغُلُف ، وأجود القراءَتين غلْف بإسكانِ اللام لأن له شاهدا من القرآن ومعنى غلْفٌ ذَواتُ غُلف ، الواحد منها أغْلَف وغُلْف مثل أحْمَر وحُمْر ، فكأنهم قالوا قلوبنا في أوعية ، والدليل على ذلك (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ) ومن قرأ (غُلُف) فهو جمع غِلاف وغُلُف ، مِثْل مِثال ومُثُل ، وحِمار وحُمُر ، فيكون معنى هذا : إن قلوَبنا أوعية لِلعلم ، والأول أشبه ويجوز أن تُسَكن غُلُف فَيقال غُلْف كما يقال في جمع مثال مُثْل. فأعلم اللّه عزَّ وجلَّ أن الأمر على خلاف ما قالوا فقال : (بَلْ لعَنَهُمُ اللّه بِكفرهَم). معنى لعنهم في اللغة أبْعدهم ، فالتأويل - واللّه أعلم - بل طبع اللّه على قلوبهم كما قال : (ختم اللّه على قلوبهم) ثم أخبر عزَّ وجلَّ أن ذلك مجازاةٌ منه لهم على كفرهم فقال (بل لعنهم اللّه بكفرهم) ، واللعن كما وصفنا الإبعاد. قال الشَّمَّاخ : وماءٍ قد وردت لوَصْل أرْوى . . . عليه الطير كالورق اللَّجين ذعَرتُ به القطا ونفيْتُ عَنه . . . مقام الذئب كالرجل اللَّعين * * * |
﴿ ٨٨ ﴾