٢٤٥

وقوله عزَّ وجلَّ : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّه يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)

معنى القرض في اللغة البلاء اسيئ ، والبلاء الحَسَن ، والعرب تقول :

لك عندي قرض حسن وقرض سيئ ، وأصلهُ مَا يُعْطِيه الرجلُ  يَعْملُه ليجازَى عليه ، واللّه عزَّ وجلَّ : لا يَستَقْرض من عَوَز ولكنه يَبْلو الأخبار ، فالقرض كما وصفنا ، قال أميةُ بنُ أبي الصلت :.

لا تَخْلِطَن خَبِيثاتِ بطيبةٍ . . . وأخلعْ ثيابَك منهَا وانجُ عُريَانَا

كل امرىءِ سوف يُجْزَى قَرضَه حَسناً . . .  سيئاً  مَدِينَا كالذي دانا

وقال الشاعر :

وإذا جُوزِيتَ قرضا فاجزه . . . إِنَما يَجْزِي الفتى ليس الجمل

فمعنى القرض ما ذكرنَاهُ.

قأعلم اللّه أن ما يعْمل وينفق يرادُ به الجزاءَ فاللّه يضاعفه أضعافاً كثيرة.

والقراءَة فيضاعفَه ، و (قرأوا) : فيضاعفُه ، بالنَّصب والرفع فمن رفع

عطف على يقرض ، ومن عطف نصب على جواب الاستفهام وقد بَينا

الجَوابَ بالفاء - ولو كان قرضاً ههنا مصدراً لكان إقراضاً ، ولكن قرضاً ههنا اسم لكل ما يلتمس عليه الجزاء.

فأما قرضته أقرُضه قرضاً : فجاوزته ، وأصل القرض في اللغة القطع.

والقِرَاضُ من هذا أخِذ ، فإنما أقرضته قطعت له قطعة يجازى عليها.

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَاللّه يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ).

قيل في هذا غير قول : قال بعضهم : معناهُ يُقَترُ ويوسعُ ، وقالَ بعضهم

يَسْلُب قوماً مَا أنعَمَ علَيهِم ويوسع عَلَى آخَرين (وقيل معنى - يقبض) أي

يقبض الصدقات ويخلفها ، وإخلافها جائز أن يكون ما يعطي من الثواب في

الآخرة ، وجائز أن يكون مع الثواب أن يخلفها في الدنيا.

* * *

﴿ ٢٤٥