٦٤

وقوله جلَّ وعزَّ : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللّه وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللّه فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤)

معنى (سواءٍ) معنى عدل ، ومعنى كلمة كلام فيه شرح قصة وإن طال.

وكذلك يقول العرب للقصيدة كلمة.

يروى أن حسان بن ثابت الأنصاري كان إِذا قيل له أنشد قال للقائل :

هل أنْشِدَتْ كلمة الحويدرة ، يعني قصيدته التي أولها :

بكرت سمية بكرة فتمتعي

ويقال للعدل سواء وسَوَى وسُوًى.

قال زهير بن أبي سلمى :

أروني خطة لا ضيم فيها . . . يسوي بيننا فيها السواءُ

فإن تُرِك السَّوَاءُ فليس بيني . . . وبينكم بني حِصنٍ بناءُ

يريد بالسواءِ العدل كذا يقول أهل اللغة ، وهو الحق.

- وهو من استواء الشيءِ ، ولو كان في غير القرآن لجاز : سواءً بيننا وبينكم ، فمن قاك سواءٍ جعله نعتاً للكلمة يريد ذات سواءٍ ، ومن قال سواءً جعله مصدراً في معنى استواءً ، كأن قال : استوت استواءً.

وموضع (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللّه).

موضع " أن " خفض على البدل من كلمة.

 تعالوا إلى أن لا نعبد إلا اللّه ، وجائز أن تكون أن في موضع رفع ، كأن

قائلًا قال : ما الكلمة ؟

فأجيب فقيل هي ألا نعبد إلا اللّه ، ولو كان أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللّه ولا نشركُ به شيئاً لجاز على أن يكون تفسيراً للقصة في تأويل أي كأنهم

قالوا : أي لا نعبد إلا اللّه - كما قال عزَّ وجلَّ : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا) وقَال قَومٌ معنى أن ههنا معنى يقولون امشوا ، والمعنى واحد لأن

القول ههنا تفسير لما قصدوا له وكذلك " أي يفسَّر بها ، ولوكان

(أَلَّا نَعْبُدْ إِلَّا اللّه) بالجزم لجاز على أن يكون " أن " كما فَسَّرنا في تأويل أي" ، ويكون (أَلَّا نَعْبُدْ) على جهَةِ النهْي ، والمنْهِي هو الناهِي في الحقيقة

كأنَّهم نهَوْا أنفُسُهُمْ.

ومعنى (وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللّه).

أي نرْجعُ إلى أن معبودنا اللّه ، وأن عيسى بشر ، كما أننا بشر فلا نَتخِذْهُ

ومعنى (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).

أي مُقِرونَ بالئوحيد مستسلمون لما أتتْنَا بِهِ الأنْبياءُ من قِبل اللّه عزَّ وجلَّ.

* * *

﴿ ٦٤