١٩١وقوله عزَّ وجلَّ : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّه قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١) (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّه) هذا من نعت (أولي الألباب) ، أي فهُؤلاءِ يستدلون على توحيد اللّه - عزَّ وجلَّ - بخلق السَّمَاوَات والأرض وأنهم يذكرون اللّه في جميع أحوالهم (قِيَاماً وقُعُوداً وعلَى جُنُوبهِم) معناه ومضطجعين ، وصلح في اللغة أن يعطف (بعلى) على - (قياماً وقعوداً) لأنْ معناه ينبئُ عن حال في أحوال تصرف الإنسان ، تقول : أنا أسير الى زيد مماشياً وعلى الخيل . ماشياً وراكباً . فهؤُلاءِ المستدلون على حقيقة توحيد اللّه يذكرون - اللّه في سائر هذه الأحوال. وقد قال بعضهم : (يَذْكُرُونَ اللّه قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ). أي يُصَلونَ على جميع هذه الأحوال على قدر إمكانهم في صحتهم وسَقَمِهم. وحقيقته عندي - واللّه أعلم - أنهم موحدون اللّه في كل حال. (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ). فيكون ذلك أزيدَ في بصيرتهم ، لأن فكرتهم تُرِيهُمْ عظيم شأنهما. فيكون تمظيمهم للّه على حسب ما يقفون عليه من آثار رحمته. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا). معناه يقولون (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا) أي خلقته دليلاً عليك ، وعلى صدق ما أتَتْ به أنبياؤُكَ . لأن الأنبياءَ تأتي بما يَعْجِز عنه المخْلُوتُونَ. فهو كالسماوات والأرض في الدليل على توحيد اللّه. (سُبْحَانَكَ): معناه براءَة لك من السوءِ وتنزيهاً لك من أن تكون خلقتهما باطلًا . . (فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) أي فقد صدقنا رسلك وأن لَكَ جَنةً ونَاراً فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. * * * |
﴿ ١٩١ ﴾