١٤٤

و (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا للّه عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (١٤٤)

أي لا تجعلوهم بِطَانتَكُمْ وخَاصَّتَكُمْ.

(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا للّه عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا).

أي حجة ظاهرة ، والسلطان في اللغة الحجة ، وإِنما قيل للخليفة والأمير

سلطان لأن معناه أنه ذو الحجة.

والعربُ تُؤَنَث السلطان وتذكره ، فتقول :

قَضَتْ عليك بهذا السلْطَان ، وأمَرَتْكَ به السلطانُ.

وزعم قوم من الرواة أن التأنيث فيه أكثر ، ولم يُخْتلَفْ في التذكير.

وأحسب الذين (رَووْا) لم يَضْبطُوا مَعْنَى الكثرة من القلة.

والتذكير (فيه) أكثر ، فأمَّا القرآن فلم يأت فيه ذكر السلطان إلا

مذكراً ، قال اللّه عزَّ وجلَّ : (لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ)

وقال : هَلَكَ عَني سُلْطَانِيَهْ) ، وقال : (سُلْطَاناً مُبِيناً).

فجميع ما في القرآن من ذكر السلطان مذكر ، ولو كان التأنيث أكثر لكان في كتاب اللّه جلَّ وعزَّ.

فإن قال قائل إنما رَووْا أن السلطان بين الناس هو المونث قيل إِنما

السلطان معناه ذو السلطان . والسلطان الحجة . والاحتجاج والحجة معناهما

واحد . فأما التأنيث فصحيح ، إِلا أنه أقل من التذكير ، فمن قال : قضت به

عليك السلطان أراد قضت عليكَ به الحجة ، وقضت عليك حجة الوالي ، ومن قال قضى به عليك السلطانُ ذهب إلى معنى صاحبُ السلطانِ.

وجائز أن يكون ذهب به إِلى البرهَانِ والاحتجاجِ ، أي قضى به عليك البرهان.

* * *

﴿ ١٤٤