٩

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩)

أي لو أرسلنا إِليهم مَلَكاً لم نرسله إِلا في صورة إِنْسَانٍ ، لأن الملَكَ فيمَا

قِيلَ لو نَظَرِ إِلَيه نَاظِر على هَيئَتِه لَصَعقِ ، وكانت الملائكةُ تأتي الأنبِيَاءَ في

صورَةِ الإنْس ، فمن ذلك أن جِبرِيلَ كان يأتي النبي عليه السلام إذَا نَزَل

بِالوَحيِ في صورة دِحْيَةَ الكَلْبِى ومنه نبأ الخَصْم إِذ تَسَوَّرُوا المِحْرابَ ، لأنَّهُمَا

ورَدَا على دَاودَ وهُما مَلَكانِ في صورَة رَجلَين يَخْتصِمَانِ إِليه.

ومنه أنَّ الملائِكةَ أتتْ إبراهيم في صورة الضِّيفان وكذلك أتتْ لوطاً ، فلذلك قيل : (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا).

* * *

وقوله عزَّ وجلَّ : (وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ).

يقال لبَست الأمْرَ عَلَى القوم ألْبِسه إِذا شَبَّهتُه عَلَيهِم ، وأشكَلْتُه عليهم.

وكانوا هم يَلْبِسونَ عَلَى ضَعَفَتِهِمْ في أمر النبي - صلى اللّه عليه وسلم - فيقولون : إِنما هذا بشر مثلكم فقال (ولو أنزلنا ملكاً) فرأوا هُمُ المَلَكَ رَجُلًا لكان يَلْحَقُهُمْ فيه من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم.

* * *

﴿ ٩