٨

و (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (٨)

وحذف مع كيف جملة " يكون لهم عهد " لأنه قد ذكر قبل ذلك.

قال الشاعر يرثي أخاً له مات :

وخَبرتُمانِي أنما الموت بالقُرَى . . . فكيف وهاتا هَضبة وقليب

أي فكيف مات وليس بقرية . ومثله قول الحطيئة :

وكيف ولم أعْلمْهمُوخَذَلُوكُمُو . . . عَلَى مُعْظَم ولَا أدِيمَكُمُو قَدُّوا

أي فكيف تَلومونني على مدح قوم ، وتَذُمونَهُمْ ، واستغنى عن ذكر

" ذَلِك " مع ذكر كيف ، لأنه قد جرى في القصيدة ما يدل على ما أضْمِرَ.

قال أبو عبيدة الإل : العهدُ ، والذِّمَّة ما يتذَمم منه ، وقال غيره : الذمة.

العهد ، وقيل في الإل غير قول.

قيل : الإل : القرابة ، وقيل : الِإل : الحلف ، وقيل : الِإل : العهْدُ ، وقيل

الإل اسم من أَسماءِ اللّه ، وهذا عندنا ليس بالوجه لأن أسماءَ اللّه جلَّ وعز

معروفة معلومة كما سمعَت في القرآن وتُلِيَتْ في الأخبار قال اللّه جلَّ وعزَّ :

(وَللّه الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا).

فالداعي يقول : يا اللّه ، يا رحمن ، يا ربُّ ، يا مْؤمِن ، يَا مهيَمن .

ولم يَسْمَعْ " يا إلُّ في الدعاءِ.

وحقيقة " الإلّ " عندي على ما تُوحيه اللغة تحديد الشيءِ فمن ذلك :

الإلَّةُ : الحربة ، لأنَّها محدَّدَة ، ومن ذلك : إذُن مُؤلَّلة ، إذا كانت محدَّدَة.

والأل يُخرَجُ في جميع ما فُسِرَ من العهْدِ والجوار على هذا ، وكذلك

القرابَة ، فإِذا قلت في العهد بَيْنَهُما إِلٌّ فمعناه جواز يحاد الإنسان ، وإذا قُلْتَهُ في القرابة فتأوِيله القرابَة الدانِية التي تحادُّ الإنسانَ.

* * *

﴿ ٨