١٢وقوله - جلَّ وعزَّ -: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) أي رؤساءَ الكافرين ، وقادتهم ، لأن الِإمام متبَع. وهذه الآية توجب قَتلَ الذِميِّ إذا أظْهَرَ الطعنَ في الإسلام لأن العهد معقود عليه بألَّا يطعَنَ ، فإِذا طعنَ فقد نكث. و (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) فيها عند النحويين لُغة واحدة : أيمة بهمزة وياء والقرَاءُ يقرَأون (أَئِمَّةَ) بهمزتين ، وأيمة بهمزة وياء فأما النحويون فلا يجيزون اجتماع الهمزتين ههنا ، لأنهما لا يجتمعان في كلمة ، ومن قرأ أئمة - بهمزتين - فينبغي أن يقرأ يا بني أأدم ، والاجتماع أن آدم فيه همزة واحدة. فالاختلاف راجع إلى الإِجماع ، إلا أن النحويين يستصعِبون هذه المسألة. ولهم فيها غير قول : يقولون إِذا فضلنا رجلاً في الإمَامة : هذا أوَمُّ من هذا ويقول بعضهم أيُمَّ من هذا ، فالأصل في اللغة أأْمِمَةٌ لأنه جمع إِمامٍ ، مثل مِثَال وأمْثلَةٍ ، ولكن الميمين لما اجتمعتا أدغمت الأولى في الثانية وألغِيت حركتها على الهمزة. فصار أئِمة ، فأبدل النحويون من الهمزة الياء. ومن قال : هذا أيَمَّ من هذا جعل هذه الهمزة كلما تحركت أبْدَلَ مِنها قال أبو إسحاق : والذي قال : (هَذا أوَمُّ مِن هذا) كانت عنده أصلها أَأَم. فلم يمكِنْه أن يُبدِلَ منها ألِفاً لاجتماع السَّاكنين ، فجعلها واواً مفتُوحة ، لأنه قال : إذا جمعت آدمَ قُلتَ أوادِمَ. وهذا هو القياس الذي جعلها ياءً. قال : قد صارت الياءُ في أئمة بدَلاً لازماً. وهذا مذهب الأخفشِ ، والأول مذهب المازني. قال أبو إسحاق وأظنه أقْيَسَ الوَجْهَين ، أعني : هذا أوَمُّ مِنْ هَذَا ، فأما أئِمة باجتماع الهمزتين ، فليس من مذاهب أصحابنا ، إلا ما يحكى عن ابن إسحاق فإنه كان يحب اجتماعهما وليس ذلك عندي جائزاً ، لأن هذا الحرف في أئمة قد وقع فيه التضعيف والإدغام ، فلما أدغم وقعت علة في الحرف. وطرحت حركته على الهمزة فكان تركها دليلاً على أنها همزة قد وقع عليها حركة ما بعدها ، وعلى هذا القياسِ يجوز : هذا أأمُّ مِنْ هذا والذي بدأنا به هو الاختيار من أن لا تجتمع همزتان. * * * و (إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ). وتقرأ (لا إِيمان لَهُمْ) فمن قرأ : (لا أيمَان لهمْ) بالفتح فقد وصفهم بالنكث في العهد ، وهو أجودُ القراءَتين ، ومن قرأ " لا إيمَانَ لهم " فقد وصفهم بالردةِ ، أي لا إِسْلامَ لَهم ، ويجوز أن يكون نَفَى عنهم الإيمان لأنهم لم يُؤمنوا ، كما تقول : لا عِلْمَ لِفُلانٍ . ويجوز أن يكون لا أيمَانَ لَهُمْ إذَا كنتمْ أنْتُمْ آمَنْتُموهُمْ ، فنقضوا هم عَهدكُم ، فقد بطل الأمان الذي أعطيتموهم ، أي لا إيمانَ لَهُمْ : على " آمنتُ إيماناً على المصدر ". (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ). أي لِيُرْجَى منهم الانتهاء والنكث : النقض في كل شي. * * * |
﴿ ١٢ ﴾