١١

وقوله عزَّ وجلَّ : (قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (١١)

(مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ).

قرئت على أربعة أوجُهٍ (١) ، على إشْمَامِ الميم الضَّمَّ - تأمنُنا ، وعلى

الِإدغام وترك الإشمام ، (تَأْمَنَّا) ، وقرئت (تأمَنُنَا) بنونَين وضمة بينهُمَا.

وقرأ يحيى ابن وَثَّابِ تِيْمَنَّا.

وقراءة يحيى تخالف المصحفَ ، وهي في العَرَبيةِ جَائزةٌ

بكسر التاَء في كل ما ماضيه على فَعِلَ نحو أَمِنَ - يا هذا - والإِدغام لأن

الحرفين من جنس واحدٍ

__________

(١) قال السَّمين :

قوله تعالىلاَ تَأْمَنَّا  : حالٌ وتقدَّم نظيرُه . وقرأ العامَّة « تأمَنَّا » بالإِخفاء ، وهو عبارةٌ عن تضعيفِ الصوت بالحركة والفصل بين النونين ، لا أنَّ النونَ تُسَكَّن رَأْساً ، فيكون ذلك إخفاءً لا إدغاماً . قال الداني : « وهو قولُ عامَّةِ أئمَّتنا وهو الصوابُ لتأكيد دلالته وصحته في القياس ».

وقرأ بعضُهم ذلك بالإِشمام ، وهو عبارةٌ عن ضمِّ الشفتين إشارةً إلى حركة الفعل مع الإِدغامِ الصريح كما يشير إليها الواقف ، وفيه عُسْرٌ كبير قالوا : وتكون الإِشارة إلى الضمة بعد الإِدغام  قبل كمالِه ، والإِشمامُ يقع بإزاء معانٍ هذا مِنْ جُمْلتها ، ومنها إشراب الكسرةِ شيئاً مِن الضم نحو :  قِيلَ  [ البقرة : ١١ ] و  وَغِيضَ  [ هود : ٤٤ ] وبابه ، وقد تقدم أولَ البقرة . ومنها إشمامُ أحدِ حرفين شيئاً من الآخر كإشمام الصاد زاياً في  الصراط  [ الفاتحة : ٥ ] :  وَمَنْ أَصْدَقُ  [ النساء : ٧٨ ] وبابهما ، وقد تقدم ذلك أيضاً في الفاتحة والنساء . فهذا خَلْطُ حرفٍ بحرف ، كما أنَّ ما قبله خَلْطُ حركة بحركة . ومنها الإِشارةُ إلى الضمة في الوقفِ خاصةً ، وإنما يراه البصير دونَ الأعمى.

وقرأ أبو جعفر بالإِدغامِ الصريح من غير إشمامٍ . وقرأ الحسن ذلك بالإِظهار مبالغةً في بيان إِعراب الفعل وللمحافظة على حركة الإِعراب . اتفق الجمهورُ على الإِخفاء  الإِشمام كما تقدم تحقيقه.

وقرأ ابن هرمز « لا تَأْمُنَّا » بضم الميم ، نَقَل حركةَ النون الأولى عند إرادةِ إدغامها بعد سَلْب الميمِ حركَتها ، وخطُّ المصحف بنون واحدة ، ففي قراءة الحسن مخالفة لها.

وقرأ أبو رزين وابن وثاب « لا تِيْمَنَّا » بكسر حرف المضارعة ، إلا أنَّ ابنَ وثَّابٍ سَهَّل الهمزةَ . قال الشيخ : « ومجيئُه بعد » مالك « والمعنى يُرْشد إلى أنه نَفْيٌ لا نَهْيٌ وليس كقولهم » ما أَحْسَنَنا « في التعجب؛ لأنه لو أدغم لالتبسَ بالنفي » . قلت : وما أبعد هذا عن تَوَهُّم النهي حتى يَنُصَّ عليه . وقوله « لالتبس بالنفي » صحيح.

اهـ (الدر المصون).

والإشمام يدل على الضَّمَّة المحذوفة ، وترك الِإشمام جيِّدٌ ، لأن الميم

مفتوحةٌ فلا تُغَيَّر ، والإِظهار في " تأمَنُنا " جيِّدٌ ، لأن النونين من كلمتين.

* * *

﴿ ١١