١٩و (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّه عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (١٩) الوارد الذي يرد الماء ليسقي للقوم. (فَأَدْلَى دَلْوَهُ). يقال : أَدْلَيْتَ الدلْوَ إذَا أرْسلتَها لتملأها ، وَدَلَوْتَها إذَا أخرجْتَها. (قَالَ يَا بُشْرَايَ) (١). بألف وياء مفتوحة ، وقرئت يا بُشْرَيَّ ، وقد فسرناها في (فَمَنْ تَبعَ هُدَايَ) ، وتفسيرها أن ياء الإضافة تغيِّر ما قبلها ولا يُبَينُ معها الإعراب ، فإذا كان قبلها ألف فالاختيار أَلَّا تغير الألف ، وبعض العرب يبدل الألف معها ياء ، فيكون بدَلَها بمنزلة تغيير الحروف قبلها. وقرئت : (يا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ) ، بغير ياء. ومعنى النداء في هذه الأشياء التي لا تجيب ولا تعقل إنما هو على تنبيه المخاطبين ، وتوكيد القصةِ. إذا قلتَ يا عجَباهُ فكأنك قلت : اعجبوا ويا أيها العجبُ هذا مِنْ حِينكَ. وكذلك إِذَا قال يا بُشراي فكأنَّه قال : أبشروا ، وكأنه قال يا أيتها البشرى هذا من إِبَّانِكِ وأوَانِكِ. وقوله - عزَّ وجلَّ - : (وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً). لَمَّا وجدُوهُ أحبوا أَنْ لَا يُعْلَم بأنه مَوجُودٌ ، وأَن يُوهِمُوا أنه بضاعة دفعها __________ (١) قال السَّمين : يابشراى قرأ الكوفيون بحذف ياء الإِضافة ، وأمال ألفَ فعلى الأخوان ، وأمالها ورش بين بين على أصله ، وعن أبي عمرو الوجهان ، ولكن الأشهرَ عنه عدمُ الإِمالة ، وليس ذلك مِنْ أصله على ما قُرِّر في علم القراءات . وقرأ الباقون « يا بشراي » مضافة لياء المتكلم ، ونداء البشرى على حدِّ ياحسرتا على [ الزمر : ٥٦ ] ياحسرة عَلَى العباد [ يس : ٣٠ ] كأنه يقول : يا بشرى هذا وقتُ أوانِ أن تُنادَيْ ويُصاحَ بكِ . ومَنْ زعم أنَّ « بشرى » اسم رجل كالسدِّي فقد أَبْعَدَ. وقرأ ورش عن نافع « يا بُشْراْيْ » بسكون الياء ، وهو جمعٌ بين ساكنين في الوصل ، وهذا كما تقدم في وَمَحْيَايَ [ الأنعام : ١٦٢ ] ، فعليك بالالتفات إليه . وقال الزمخشري : « وليس بالوجه لما فيه من التقاء الساكنين على غير حَدِّه إلا أن يَقْصِدَ الوقف ». وقرأ الجحدري وابن أبي إسحاق والحسن : « يا بُشْرَيَّ » بقلبِ الألفِ ياءً وإدغامها في ياء الإِضافة وهي لغة هُذَلِيَّة تقدَّم الكلامُ عليها في البقرة عند فَمَنْ تَبِعَ هُدَيَّ [ البقرة : ٣٨ ] . وقال الزمخشري : « وفي قراءة الحسن يا بُشْرَيَّ بالياء مكان الألف جُعِلَتْ الياءُ بمنزلة الكسرة قبل ياء الإِضافة وهي لغة للعرب مشهورة ، سمعت أهلَ السروات يقولون في دعائهم : يا سيدي ومَوْلَيَّ ». اهـ (الدر المصون). إليهم أهل الماء ، وبضاعة منصوب على الحال ، كأنَّه قال : وأسَروه جَاعِليِه بضاعةً. * * * |
﴿ ١٩ ﴾