٥١

و (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١)

يقرأ (إنَّا دَمَّرْنَاهُمْ) - بكسر إن وبفتحها - (١) فمن قرأ بِالكسر رفع

العَاقِبة لا غير ،  فانظر أي شيء كان عاقبة مَكْرِهم ، ثم فَسَّرَها

فقال : إنَّا دَمَّرْنَاهُمْ ، فدل على أن العاقبة الدمَارُ.

ومن قرأ (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ) - بالفتح - رفع العاقبة وإِنْ شاء نَصَبَها ، والرفعُ أَجْوَدُ على معنى فانظر كيف كان عاقبةُ أَمْرِهِمْ ، وأضمر العَاقِبَةَ.

أَنا دَمَرْنَاهُمْ . فيكون (أنَّا) في موضع رَفْعٍ عَلَى هذا التفسير ، ويجوز أن تكون أنا في موضع نَصْبٍ ، على معنى فانظر كيف كان عاقبة مكرهم لأنَّا دَمَّرناهم ، ويجوز أن

__________

(١) قال السَّمين :

  أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ  : قرأ الكوفيون بالفتح . والباقون بالكسر . فالفتح من أوجهٍ ، أحدُها : أَنْ يكونَ على حَذْفِ حرفِ الجرِّ؛ أي : لأَنَّا دَمَّرْناهم . و « كان » تامةٌ و « عاقبةٌ » فاعلٌ بها ، و « كيفِ » حالٌ .

الثاني : أَنْ يكونَ بدلاً من « عاقبة » أي : كيف كان تدميرُنا إيَّاهم بمعنى : كيف حَدَثَ . الثالث : أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي : هي أنَّا دَمَّرْناهم أي : العاقبةُ تدميرُنا إياهم . ويجوزُ مع هذه الأوجهِ الثلاثةِ أَنْ تكونَ « كان » ناقصةً ، وتُجْعَلَ « كيف » خبرَها ، فتصيرَ الأوجهُ ستةً : ثلاثةً مع تمام « كان » وثلاثةً مع نُقْصانها . ويُزاد مع الناقصة وجهٌ أخر : وهو أَنْ تُجْعَلَ « عاقبة » اسمَها و « أنَّا دَمْرناهم » خبرَها و « كيف » حالٌ . فهذه سبعةُ أوجهٍ.

والثامن : أَنْ تكونَ « كان » « زائدةً ، و » عاقبة « مبتدأٌ ، وخبرُه » كيف « و » أنَّا دَمَّرْناهم « بدلٌ مِنْ » عاقبة «  خبرُ مبتدأ مضمرٍ . وفيه تَعَسُّفٌ . التاسع : أنها على حَذْفِ الجارِّ أيضاً ، إلاَّ أنه الباءُ أي : بأنَّا دمَّرْناهم ، ذكره أبو البقاء . وليس بالقويِّ . العاشر : أنها بدل مِنْ » كيف « وهذا وَهْمٌ من قائِله لأنَّ المبدل من اسمِ الاستفهام يَلْزَمُ معه إعادةُ حرفِ الاستفهامِ نحو : » كم مالكُ أعشرون أم ثلاثون «؟ وقال مكي : » ويجوز في الكلام نصبُ « عاقبة » ، ويُجْعَلُ « أنَّا دمَّرْناهم » اسمَ كان « انتهى . بل كان هذا هو الأرجحَ ، كما كان النصبُ في قولِه » فما كان جوابَ قومه إلاَّ أَنْ قالوا « ونحوِه أرجحَ لِما تقدَّم مِنْ شَبَهِهِ بالمضمرِ لتأويلِه بالمصدرِ ، وقد تقدَّم تحقيقُ هذا.

وقرأ أُبَيٌّ » أَنْ دَمَّرْناهم « وهي أَنْ المصدريةُ التي يجوزُ أَنْ تَنْصِبَ المضارعَ ، والكلامُ فيها كالكلامِ على » أنَّا دَمَّرْناهم « . وأمَّا قراءةُ الباقين فعلى الاستئنافِ ، وهو تفسيرٌ للعاقبةِ . و » كان « يجوز فيها التمامُ والنقصانُ والزيادةُ . وكيف وما في حَيِّزها في محلِّ نصب على إسقاطِ الخافض ، لأنه مُعَلِّق للنظرِ. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

تكون (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ) خَبَر كانَ  فانظر كيف كان عاقبة مَكْرِهُمُ

الدَّمَارَ ، ويجوز أن يكون اسم كان (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ) وَ (عَاقبة أَمْرِهم) منصوبة.

 فانظر كيف كان الدمَارُ عاقبةَ مَكْرِهِمْ ، وكيف في موضع نصب

في جميع هذه الأقوال - ونصبها - إذا جُعِلَت العاقِبَة اسم كان وكيف

الخبرُ لأنها في موضع خبر كان ، فإذا جُعِلَتْ اسم كان وخبرُها مَا

بَعْدها فهي منصوبة على الظرفِ ، وعمل فيها جملة الكلام كما

تقول : كيف كان زيد ، وكيف كان زيد قائماً.

* * *

﴿ ٥١