٣٣وقوله عزَّ وجلَّ (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللّه وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣) ويقرأ " وقِرْنَ " - بكسر القاف - فمن قرأ بالفتح فهو من قَرِرْتُ بِالمكَانِ أقَرُّ . فالمعْنَى ، واقرَرْن فإذا خُفِفَتْ صارت وَقَرْنَ حذفت الألف لثقل - التضعيف في الراء ، وألقيت حركتها على القاف. والأجْوَدُ وَقِرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ - بكسر القاف - وهو من الوَقَارِ ، تقول : وَقَرَ يَقِرُ في المكان. ويصلح أن يكون من قَرَرْتُ في المكانِ أَقِره فيحذف على أنه من " واقْرِرْنَ " بكسر الراءِ الأولى ، والكسر من جهتين ، من أنه من الوقار ، ومن أنه من القرار جميعاً. * * * وقوله تعالى : (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى). التبرُّجُ إظْهَارَ الزِينَةِ ، وما تُسْتَدْعَى به شهوةُ الرجُلِ. وقيل إنهُن كن يتكسَّرْن في مِشْيَتِهِنَّ ، وَيَتَبختَرنَ ، وقيل إن الجاهلية الأولى من كان من لدن آدم إلى زمن نوح ، وقيل من زمن نوح إلى زمن إدريس. وقيل منذ زمن عيسى إلى زمن النبي - صلى اللّه عليه وسلم -. والأشبه أن تكون منذ زمن عيسى إلى زمن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - لأنهم هم الجاهليةُ المعروفُونَ لأنه روى أنهم كانوا يتخذون البغَايَا - وهن الفواجر يُغْلِلْنَ لَهُمْ. فإن قيل : لم قيل الأولى ؟ قيل يقال لكل متقدِّم ومتقدِّمَةٍ أولى وأول ، فتأويله أنهم تقدَّمُوا أمَّةَ محمد - صلى اللّه عليه وسلم -. فهم أولى وهم أول من أمة محمد - صلى اللّه عليه وسلم -. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (مَنْ يَأْتِ مِنْكنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ). وتقرأ (مُبَيَّنَةٍ). (يُضَاعَفْ لَهَا العذابُ ضِعْفَين). القراءة يُضَاعَفْ بألِفٍ ، وقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ يُضَعِّفْ ، وكلاهما جَيِّدٌ. وقال أَبُو عُبَيْدَة : يعذب ثلاثة أَعْذِبَةٍ ، قال : كان عليها أن يعَذَب مَرةً وَاحدَةً ، فإذا ضُوعِفَتْ المرة ضِعْفَينِ ، صار العذاب ثلاثة أَعْذِبَةٍ. وهذا القول ليس بشيء لأنَّ معنى يضاعف لها العذاب ضعفين يجعل عذاب جرمها - كعذابَيْ جُرْمَيْنِ. والدليل عليه (نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ) فلا يكون أن تعطى على الطاعة أَجْرَين وعلى المَعْصِيَةِ ثلاثة أَعْذِبَةٍ ومعنى ضعف الشيء مِثلُه ، لأن ضِعف الشيء الذي يُضْعِفُه بمنزلة مثقال الشيء. ومعنى (يَقْنُتْ) يقيم على الطاعة. (وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا) جاء في التفسير أَنَهُ الجنَّةُ. * * * و (إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ). (أَهْلَ الْبَيْتِ) منصوب على المدح ، ولو قرئت أهلِ البيتِ - بالخفض - قرئت . أهلُ البيت بالرفع لجاز ذلك ولكنَّ القراءَةَ النصبُ. وهو على وجْهَيْنِ : على مَعْنَى أعني أهلَ البَيْتِ. وعلى النداء ، على معنى يا أهل البَيْتِ. والرجْسُ في اللغةِ كل مستنكر مسْتَقْذرٍ من مأكول عمَلٍ فَاحِشَةٍ. وقيل إن أهل البيت ههنا يعنى به نساء النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وقيل نساء النبي - صلى اللّه عليه وسلم - والرجال الذين هم آله. واللغة تدل على أنه للنساء والرجال جميعاً لقوله (عَنكم) بالميم ، وَيُطَهِّرَكُمْ. ولو كان للنساء لم يجز إلا عَنكُن وَيُطَهِّرَكُنَّ. والدليلُ على هذا (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ) حيث أفرد النساء بالخطاب. * * * |
﴿ ٣٣ ﴾