٤

(إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (٤)

أقسم بهذه الأشياء - عزَّ وجلَّ - أنَّه وَاحِدْ.

وقيل معناه ورَبِّ هذه الأشياء إنه وَاحد.

وتفسير الصافات أنها الملائكة ، أي هم مطيعون في السماء

يسبحون اللّه - عزَّ وجلَّ - فَالزاجِراتُ ، رُوِيَ أن الملائكةَ تزجر

السحاب ، وقيل : (فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا) كل مَا زَجَرَ عَنْ مَعْصِية اللّه.

(فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً).

قيل الملائكةُ ، وجائز أن يكون الملائكة وغيرهم أيضاً مِمنْ يَتْلُونَ

ذِكْرَ اللّه (١).

__________

(١) قال السَّمين :

بسم اللّه الرحمن الرحيم

  والصافات صَفَّا  : قرأ أبو عمرو وحمزة بإدغامِ التاء من الصافَّاتِ ، والزَّاجراتِ والتاليات ، في صاد « صَفَّاً » وزاي « زَجْراً » وذال « ذِكْراً » ، وكذلك فَعَلا في  والذاريات ذَرْواً  [ الذاريات : ١ ] وفي  فالملقيات ذِكْراً  [ المرسلات : ٥ ] وفي  العاديات ضَبْحاً  [ العاديات : ١ ] بخلافٍ عن خلاَّد في الأخيرين . وأبو عمروٍ جارٍ على أصلِه في إدغام المتقاربَيْن كما هو المعروفُ مِنْ أصلِه . وحمزةُ خارجٌ عن أصلِه ، والفرقُ بين مَذْهَبَيْهما أنَّ أبا عمرٍو يُجيز الرَّوْمَ ، وحمزةَ لا يُجيزه . وهذا كما اتفقا في إدغام  بَيَّتَ طَآئِفَةٌ  في سورة النساء [ الآية : ٨١ ] ، وإن كان ليس من أصلِ حمزةَ إدغامُ مثلِه . وقرأ الباقون بإظهار جميعِ ذلك.

ومفعولُ « الصَّافَّات » و « الزَّاجراتِ » غيرُ مرادٍ؛ إذ  : الفاعلات لذلك . وأعرب أبو البقاء « صَفَّاً » مَفْعولاً به على أنه قد يَقَعُ على المصفوفِ . قلت : وهذا ضعيفٌ . وقيل : هو مرادٌ . والمعنى : والصافاتِ أنفسَها وهم الملائكةُ  المجاهدون  المُصَلُّون ،  الصافَّاتِ أجنحتَها وهي الطيرُ ، ك  والطير صَآفَّاتٍ  [ النور : ٤١ ] ، والزاجراتِ السحابَ  العُصاةَ إنْ أُريد بهم العلماءُ . والزَّجْرُ : الدَّفْعُ بقوةٍ وهو قوةُ التصويتِ . وأنشد :

٣٧٨٩ زَجْرَ أَبي عُرْوَةَ السِّباعَ إذا . . . أشْفَقَ أَنْ يَخْتَلِطْنَ بالغَنَم

وزَجَرْتُ الإِبِلَ والغنمَ : إذا فَزِعَتْ مِنْ صوتِك . وأمَّا « والتاليات » فَيجوز أَنْ يكونَ « ذِكْراً » مفعولَه . والمرادُ بالذِّكْر : القرآنُ وغيرُه مِنْ تسبيحٍ وتحميدٍ . ويجوز أَنْ يكونَ « ذِكْراً » مصدراً أيضاً مِنْ معنى التاليات . وهذا أوفقُ لِما قبلَه . قال الزمخشري : « الفاءُ في » فالزَّاجراتِ « » فالتالياتِ « : إمَّا أَنْ تدلَّ على ترتُّبِ معانيها في الوجودِ ك

٣٧٩٠أ يا لَهْفَ زَيَّابةَ للحارثِ الصَّا . . . بحِ فالغانِمِ فالآيِبِ

كأنه قال : الذي صَبَحَ فغَنِمَ فآبَ ، وإمَّا على ترتُّبهما في التفاوتِ من بعضِ الوجوه ، ك خُذِ الأفضلَ فالأكملَ ، واعمل الأحسنَ فالأجملَ ، وإمَّا على ترتُّبِ موصوفاتِها في ذلك كقولك : » رَحِمَ اللّه المَحَلِّقين فالمقصِّرين « فأمَّا هنا فإنْ وحَّدْتَ الموصوفَ كانت للدلالةِ على ترتُّبِ الصفات في التفاضُلِ . فإذا كان الموحَّدُ الملائكةَ فيكون الفضلُ للصفِّ ثم للزَّجْرِ ثم للتلاوةِ ، وإمَّا على العكس . وإنْ ثَلَّثْتَ الموصوفَ فترتَّبَ في الفضل ، فتكون الصافَّاتُ ذواتَ فضلٍ ، والزاجراتُ أفضلَ ، والتالياتُ أَبْهَرَ فضلاً ،  على العكس » يعني بالعكس في الموضعين أنك ترتقي من أفضلَ إلى فاضلٍ إلى مَفْضولٍ ،  يُبْدَأُ بالأدنى ثم بالفاضل ثم بالأفضل.

والواوُ في هذه للقسمِ ، والجوابُ/   إِنَّ إلهكم لَوَاحِدٌ  . وقد عَرَفْتَ الكلامَ في الواوِ الثانيةِ والثالثةِ : هل هي للقسمِ  للعطف؟. اهـ (الدُّرُّ المصُون).

﴿ ٤