١٧

(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧)

(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ)

ْذا القوة ، وكانت قوته على العبادة أتم قوة ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

وذلك أَشَدُّ الصوْمِ ، وكان يُصَلِّي نصفَ الليل.

__________

(١) قال السَّمين :

  ذُو الأوتاد  : هذه استعارةٌ بليغةٌ : حيث شبَّه المُلْكَ ببيت الشَّعْر ، وبيتُ الشَّعْرِ لا يَثبتُ إلاَّ بالأوتادِ والأطناب ، كما قال الأفوه :

٣٨٥١ والبيتُ لا يُبْتَنى إلاَّ على عمدٍ . . . ولا عمادَ إذا لم تُرْسَ أوتادُ

فاسْتعير لثباتِ العزِّ والمُلْكِ واستقرار الأمر ، كقول الأسود :

٣٨٥٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . في ظلِّ مُلْكٍ ثابتِ الأَوْتاد

/ والأَوْتادُ : جمعُ وَتِد . وفيه لغاتٌ : وَتِدٌ بفتح الواو وكسرِ التاءِ وهي الفصحى ، ووَتَد بفتحتين ، ووَدّ بإدغام التاء في الدال قال :

٣٨٥٣ تُخْرِجُ الوَدَّ إذا ما أَشْجَذَتْ . . . وتُوارِيْه إذا ما تَشْتَكِرْ

و « وَتَّ » بإبدالِ الدالِ تاءً ثم إدغام التاء فيها . وهذا شاذٌّ لأنَّ الأصلَ إبدالُ الأولِ للثاني لا العكسُ . وقد تقدَّم نحوٌ من هذا في آل عمران عند قولِه تعالىفَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار  [ آل عمران : ١٨٥ ] . ويُقال : وَتِدٌ واتِدٌ أي : قويٌّ ثابت ، وهو مِثْلُ مجازِ قولهم : شُغْل شاغِلٌ . وأنشد الأصمعي :

٣٨٥٤أ لاقَتْ على الماءِ جُذَيْلاً واتِداً . . . ولم يَكُنْ يُخْلِفُها المَواعدا

وقيل : الأوتادُ هنا حقيقةٌ لا استعارةٌ . ففي التفسير : أنه كان له أوتادٌ يَرْبط عليها الناسَ يُعَذِّبُهم بذلك . وتقدم الخلافُ في الأَيْكة في سورة الشعراء . اهـ (الدُّرُّ المصُون).

(٢) قال السَّمين :

  مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ  : يجوزُ أَنْ يكونَ « لها » رافعاً ل « مِنْ فَواق » بالفاعليةِ لاعتمادِه على النفي ، وأَنْ يكونَ جملةً مِنْ مبتدأ وخبرٍ ، وعلى التقديرَيْن فالجملةُ المنفيَّةُ في محلِّ نصبٍ صفةً ل « صَيْحةً » و « مِنْ » مزيدةٌ . وقرأ الأخَوان « فُواق » بضمِّ الفاءِ ، والباقون بفتحها . فقيل : [ هما ] لغتان بمعنًى واحدٍ ، وهما الزمانُ الذي بين حَلْبَتَيْ الحالبِ ورَضْعَتَيْ الراضِع ، والمعنى : ما لها مِنْ تَوَقُّفٍ قَدْرَ فُواقِ ناقةٍ . وفي الحديث : « العِيادَةُ قَدْرَ فُواقِ ناقة » وهذا في  كقوله تعالىفَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً  [ الأعراف : ٣٤ ] . وقال ابن عباس : ما لها مِنْ رجوعٍ . مِنْ أفاق المريضُ : إذا رَجَعَ إلى صحته . وإفاقةُ الناقةِ ساعةَ يَرْجِعُ اللبنُ إلى ضَرْعِها . يقال : أفاقَتِ الناقةُ تُفِيْقُ إفاقَةً رَجَعَتْ واجتمعَتْ الفِيْقَةُ في ضَرْعِها . والفِيْقَةُ : اللبنُ الذي يَجْتمع بين الحَلَبَتين ويُجْمع على أفْواق . وأمّا أفاوِيْقُ فجمعُ الجمع . ويُقال : ناقة مُفِيْقٌ ومُفِيْقَةٌ . وقيل : فَواق بالفتح : الإِفاقة والاستراحة كالجواب من أجاب . قاله مُؤرِّج السدوسيُّ والفراء . ومن المفسِّرين ابن زيد والسدِّي . وأمَّا المضمومُ فاسمٌ لا مصدرٌ . والمشهورُ أنهما بمعنىً واحدٍ كقَصاصِ [ الشَّعْر ] وقُصاصِه وحَمام المكُّوك وحُمامِه.

اهـ (الدُّرُّ المصُون).

(إِنَّهُ أَوَّابٌ).

رجاع إلى اللّه كثيراً ، الآيب الراجع ، والأوَّابُ الكثيرُ الرُّجوعِ.

* * *

﴿ ١٧