١٣

وقوله عزَّ وجلَّ : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّه ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣)

__________

(١) قال السَّمين :

  وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى  : العامَّةُ على كسر ميم « مِنْ » حرفَ جرٍّ . وهي مع مجرورِها خبرٌ مقدَّمٌ . والجملةٌ حاليةٌ  خبرٌ مستأنفٌ.

وقرأ الكلبيُّ بنصبِ « الكتابَ » تقديرُه : وأَنْزَلَ مِنْ قبلِه كتابَ موسى . وقُرِئ « ومَنْ » بفتح الميم « كتابَ موسى » بالنصبِ على أن « مَنْ » موصولةٌ ، وهي مفعولٌ أولُ لآتَيْنا مقدَّراً . وكتابَ موسى مفعولُه الثاني . أي : وآتَيْنا الذي قبلَه كتابَ موسى.

 « إماماً ورَحْمَةً » حالان مِنْ « كتاب موسى » . وقيل : منصوبان بمقدرٍ أي : أنْزَلْناه إماماً . ولا حاجةَ إليه . وعلى كَوْنِهما حالَيْن هما منصوبان بما نُصِبَ به « مِنْ قبل » من الاستقرار.

 « لِساناً » حالٌ مِن الضمير في « مُصَدِّقٌ » . ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ « كتاب » والعاملُ التنبيهُ ،  معنى الإِشارةِ و « عربيَّاً » [ صفةٌ ] ل « لساناً » ، وهو المُسَوِّغُ لوقوع هذا الجامد حالاً . [ وجَوَّز أبو البقاء ] أَنْ يكونَ مفعولاً به ناصبُهُ « مُصَدِّقٌ » . وعلى هذا تكون الإِشارةُ إلى غيرِ القرآنِ؛ لأنَّ المرادَ باللسانِ العربيِّ القرآنُ وهو خلافُ الظاهر . وقيل : هو على حَذْفِ مضافٍ أي : مُصَدِّقٌ ذا لسانٍ عربي ، وهو النبيُّ صلَّى اللّه عليه وسلَّم . وقيل : هو على إسقاطِ حرفِ الجرِّ أي : بلسانٍ . وهو ضعيفٌ.

 « ليُنْذِرَ » متعلِّقٌ بمصدِّق . و « بُشْرَى » عطفٌ على محلِّه . تقديره : للإِنذار وللبشرى ، ولمَّا اختلف العلةُ والمعلولُ وَصَلَ العاملُ إليه باللامِ ، [ وهذا فيمَنْ قرأ بتاء الخطابِ . فأمَّا مَنْ قرأ بياءِ الغَيْبة . وقد تقدَّم ذلك في يس فإنهما مُتَّحدان . وقيل : بُشْرى ] عطفٌ على لفظ « لتنذِرَ » أي : فيكونُ مجروراً فقط . وقيل : هي مرفوعةٌ على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ . تقديرُه : هي بُشْرَى . وقيل : بل هي عطفٌ على « مُصَدِّقٌ » وقيل : هي منصوبةٌ بفعل مقدرٍ أي : وبَشِّر بُشْرى . ونقل الشيخُ وجهَ النصبِ عطفاً على محلِّ « لتنذِرَ » عن الزمخشري وأبي البقاء . ثم قال : « وهذا لا يَصِحُّ على الصحيح من مذاهبِ النحويين لأنهم يَشْتَرِطون في الحَمْلِ على المَحَلِّ أَنْ يكونَ بحقِّ الأصالة ، وأَنْ يكونَ للموضعِ مُحْرِزٌ ، وهنا المحلُّ ليسَ بحقِّ الأصالة ، إذ الأصلُ في المفعولِ [ له ] الجرُّ ، والنصبُ ناشِئ عنه ، لكن لَمَّا كَثُرَ بالشروط المذكورةِ وَصَلَ إليه الفعلُ فنصبَه » انتهى.

 « الأصلُ في المفعول له الجرُّ بالحرفِ » ممنوعٌ بدليل قولِ النَّحْويين : إنَّه يَنْصِبُ بشروطٍ ذكروها . ثم يقولون : ويجوزُ جرُّه بلامٍ ، فقولُهم « ويجوز » ظاهرٌ في أنه فرعٌ لا أصلٌ.

و « للمُحْسِنين » متعلقٌ ب « بُشْرَى »  بمحذوفٍ على أنَّه صفةٌ لها . اهـ (الدُّرُّ المصُون).

معنى (ثم استقاموا) أي أقاموا على توحيد اللّه وشريعة نبيه عليه السلام.

* * *

﴿ ١٣