٤وقوله عزَّ وجلَّ : (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللّه لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّه فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤) معناه فاضربوا الرقاب ضرباً ، منصوبٌ على الأمر ، وتأويله فإذا لقيتُم الذين كفروا فاقتلوهم ، ولكن أكثر مواقع القتل ضرب العُنُق ، فأعلمهم اللّه - عزَّ وجلَّ - كيف القصد ، وكيف قال : (واضْرِبُوا مِنْهُم كُلً بَنَانٍ) أي فليس يتوهم بهذا أن الضَّربَ محظور إلَّا على الرقبة فقط. * * * وقوله عزَّ وجلَّ : (حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ). (أَثْخَنْتُمُوهُمْ) أكثرتم فيهم القتل ، كما قال : (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) ، فالأسر بعد المبالغة في القتل. ثم قال : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً). أي بعد أن تَأسِروهُمْ إِما مننتم عليهم مَنَّا ، وإِما أطلقتموهم بفداء. و (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا). (حتى) موصولة بالقتل والأسْرِ ، فاقتلوهم وأسِرُوهُمْ حتى تضع الحرب أوزارها. والتفسير حتى يؤمنوا وُيسْلِمُوا ، فلا يجب أن تحاربوهم ، فما دام الكفر فالجهاد والحرب قائمة أبداً. و (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللّه لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ). (ذلك) في موضع رفع ، الأمر ذلك ، ويجوز أنْ يكون مَنْصُوباً على معنى افعلوا ذلك. (وَلَوْ يَشَاءُ اللّه لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ). أي لو يشاءُ اللّه لَعذَّبَهُمْ وأهلكهم لأنه قادِرٌ عَلَى ذَلِك. (وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ). ولكن أمركم بالحرب ليبلو بعضكم ببعض ، أي ليمَحِّصَ اللّه المؤمنين ويمحق الكافِرينَ. و (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّه فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ). ذكر في أول السورة : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّه أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) وأعلم أن الذين قاتلوا في سبيل اللّه فلن يضل أعمالهم. ويقرأ عَلَى أربعة أوْجُهٍ : قَاتَلُوا في سبيل اللّه ، وقُتِلُوا في سبيل اللّه ، على ما لم يسمَّ فاعله ، ويُقْرأ قُتِّلُوا بتشديد التاء ، ويُقْرأ قَتَلُوا في سبيل اللّه ، بفتحِ القاف. * * * |
﴿ ٤ ﴾