١٣

و (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣)

بنصب يوم ، ويجوز يَوْمُ هم على النَّار يفتنونَ.

فمن نَصَبَ فهو على وجْهَين :

أحدهما على معنى يقع الجزاء يَوْمَ هُمْ عَلى النار يفْتَنونَ

ويجوز أن يكون لفظه لفظَ نَصْبٍ ومعناه معنى رفع ، لأنه مضاف إلى جملة كلام ، تقول : يعجبني يَوْمَ أنْتَ قَائِمٌ ، ويوم أنت قائم ، ويوْمُ أنْتَ تَقُومُ ، وإن شئت فتحت وهو في موضع رفع

كما قال الشاعر :

لم يَمْنع الشُّرْبَ منها غَيْرَ أَن نطقت . . . حمامة في غُصُونٍ ذاتِ أَوْقالِ

وقد رويت غَيْر أن نطقت ، لما أضاف غير إلى أن وليست بِمُتَمكَنةٍ

فتح ، وكذلك لما أضاف يوم إِلى (هُمْ علَى النَّارِ) فتح.

وكما قرئت :

__________

(١) قال السَّمين :

  ذَاتِ الحبك  : العامَّةُ على « الحُبُك » بضمتين وهي الطرائقُ نحو : طرائق الرَّمْل والماءِ إذا صَفَقَتْه الريحُ ، وحُبُك الشَّعْر : آثارُ تَثَنِّيه وتَكَسُّرِه . قال زهير :

٤١٠٢ مُكَلَِلٌ بأصولِ النجم تَنْسُجُه . . . ريحُ حَريقٍ لضاحي مائِه حُبُكُ

والحُبُكُ : جمعٌ يُحتمل أَنْ يكونَ مفردُه « حَبيكة » كطريقةٍ وطُرُق  حباكِ نحو : حِمار وحُمُر . قال الراجز :

٤١٠٣ كأنَّما جَللّها الحُوَّاكُ . . . طِنْفِسَةٌ في وَشْيِها حِباكُ

وأصلُ الحَبْكِ : إحكامُ الشيءِ وإتقانُه ، ومنه يقال للدِّرع : مَحْبوكة . وقيل : الحَبْكُ الشَّدُّ والتوثُّقُ . قال امرؤ القيس :

٤١٠٤ قد غدا يَحْمِلُنِي في أَنْفِه . . . لاحِقُ الإِطْلَيْنِ مَحْبوكٌ مُمَرّْ

وفي هذه اللفطةِ قراءاتٌ كثيرةٌ : فعن الحسن ستٌ : الحُبُك بالضم كالعامَّةِ ، الحُبْك بالضمِّ والسكون ، وتُروى عن ابن عباس وأبي عمروٍ ، الحِبِك بكسرهما ، الحِبْك بالكسر والسكون ، وهو تخفيف المكسور ، الحِبَك بالكسر والفتح ، الحِبُك بالكسر والضم . فهذه سِتٌّ أقلقُها الأخيرةُ؛ لأنَّ هذه الزِّنةَ مهملةٌ في أبنية العربِ ، قال ابنُ عطية وغيرُه : « هو من التداخُلِ » يعني : أن فيها لغتين : الكسرَ في الحاء والباء والضمَّ فيهما ، فأخذ هذا القارىءُ الكسرَ من لغةٍ والضمَّ مِنْ أخرى . واستبعدها الناسُ؛ لأن التداخُلَ إنما يكون في كلمتين . وخَرَّجها الشيخ على أن الحاءَ أُتْبِعَتْ لحركة التاءِ في « ذات » قال : « ولم يَعْتَدَّ باللام فاصلةً لأنها ساكنةٌ فهي حاجزٌ غيرُ حصينٍ » . وقد وافق الحسنَ على هذه القراءةِ  مالك الغفاريُّ . وقرأ عكرمةُ بالضمِّ والفتح جمعَ « حُبْكَة » نحو : غُرْفة وغُرَف . وابن عباس وأبو مالك « الحَبَك » بفتحتين جمعُ « حَبَ‍كة » كعَقَبة وعَقَب ، فهذه ثمانِ قراءات.

اهـ (الدُّرُّ المصُون).

(ومِنْ خِزْيِ يَوْمَئْذٍ) ، ففتحت يوم وهو في موضع خفض لأنك أضفته إلى غير متمكن.

ومعنى (يُفْتَنُونَ) يحرقون وُيعَذَّبونَ ، ومن ذلك يقال للحجارة السود التي

كأنها قد أحرقت [بالنَّارِ] الفَتِينُ.

* * *

﴿ ١٣