١٢

وقوله عزَّ وجل : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (١٢)

ويقرأ والريحانَ ، وأكثر القراءة (والريْحَانُ).

والعصف ورق الزرع ويقال التِّبْن هو العصْفُ ، ويقال العَصْفَة (١)

قال الشاعر.

تَسْقي مَذانِبَ قد مَالَتْ عَصِيفتُها . . . جُدُورُها من أَتِيِّ الماء مَطْمُومُ

ويروى بأتِيَ الماء.

ومعنى (ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ) ذو الورق [والرِّزقُ] ، العرب تقول : سبْحَانَ

اللّه وَرَيْحانه.

قال أهل اللغة : معناه واسترزاقه ، قال النمر بن تولب.

سلام الإِله وريحانه . . . ورحمته وسماء درر

قال : معنى ريحانه رزقه لمن قرأ ، (والريْحَانِ) عطف على العصف ، ومن

__________

(١) قال السَّمين :

  والحب ذُو العصف والريحان  : قرأ ابنُ عامر بنصب الثلاثة . وفيه ثلاثةُ أوجهٍ : النصبُ على الاختصاص ، أي : وأخُصُّ الحبَّ ، قاله الزمخشري . وفيه نظرٌ؛ لأنه لم يَدْخُلْ في مُسَمَّى الفاكهة والنخل حتى يَخُصَّه مِنْ بَيْنِها ، وإنما أراد إضمارَ فعلٍ وهو أَخَصُّ ، فليس هو الاختصاصَ الصناعيَّ .

الثاني : أنَّه معطوفٌ على الأرض . قال مكي : « لأنَّ قولَه » والأرضَ وَضَعَها « ، أي : خلقها ، فعطف » الحَبَّ « على ذلك » . الثالث : أنَّه منصوبٌ ب « خَلَق » مضمراً ، أي : وخلق الحَبَّ . قال مكي : «  وخَلَقَ الحَبَّ » وقرأ به موافقةً لرَسْم مصاحِف بلده ، فإنَّ مصاحفَ الشامِ « ذا » بالألف . وجَوَّزوا في « الرَّيْحان » أن يكونَ على حَذْفِ مضافٍ ، أي : وذا الريحان فحُذِفَ/ المضافُ ، وأٌقيم المضافُ إليه مُقامَه ك  وَسْئَلِ القرية  [ يوسف : ٨٢ ].

وقرأ الأخَوان برفع الأَوَّلين وجَرِّ « الرَّيْحان » عطفاً على « العَصْفِ » ، وهي تؤيِّدُ قولَ مَنْ حذفَ المضافَ في قراءةِ ابنِ عامرٍ . والباقون برفع الثلاثةِ عطفاً على فاكهة ، أي : وفيها أيضاً هذه الأشياءُ . ذكر أولاًّ ما يتلذَّذُون به من الفواكه ، وثانياً الشيءَ الجامعَ بين التلذُّذِ والتغذِّي وهو ثَمَرُ النَخْلِ ، وثالثاً ما يَتَغَذَّى به فقط ، وهو أعظمُها ، لأنه قُوْتُ غالبِ الناسِ . ويجوز في الرَّيْحان على هذه القراءةِ أَنْ يكونَ معطوفاً على ما قبلَه ، أي : وفيها الرَّيْحانُ أيضاً ، وأَنْ يكونَ مجروراً بالإِضافةِ في الأصلِ ، أي : وذو الرَّيحْان ففُعِلَ به ما تقدَّم.

والعَصْفُ : وَرَقُ الزَّرْعِ . وقيل : التِّبْنُ . وأصلُه كما قال الراغب : مِن « العَصْفِ والعَصِيْفة وهو ما يُعْصَفُ ، أي : يُقْطَعُ من الزَرْع » وقيل : هو حُطامُ النباتِ . والريحُ العاصف : التي تكسِرُ ما تمرُّ عليه وقد مَرَّ ذلك . والرَّيْحان في الأصل : مصدرٌ ثم أُطْلِقَ على الرزق كقولهم : « سُبْحانَ اللّه ورَيْحَانَه » ، أي : استِرْزاقُه وقيل : الرَّيْحان هنا هو المَشْمومُ.

وفي الرَّيْحان قولان ، أحدُهما : أنه على فَعْلان كاللَّيَّان مِنْ ذواتِ الواوِ . والأصلُ : رَوْحان . قال أبو علي : « فأُبْدِلَتْ الواوُ ياءً ، كما أَبْدَلوا الياءَ واواً في » أَشاوى « . و

الثاني : أن يكون أصلُه رَيْوِحان ، على وزن فَيْعِلان ، فأُبْدِلَتِ الواوُ ياءً ، وأُدْغِمَتْ فيها الياءُ ، ثم خُفِّفَ بحَذْفِ عينِ الكلمةِ كما قالوا : كَيْنُوْنة وبَيْنُونة . والأصلُ تشديدُ الياءِ فخفِّفَتْ كما خُفِّف هَين ومَيْت . قال مكي : » ولَزِم تَخْفِيْفُه لطولِه بلَحاق الزيادتَيْنِ « . ثم رَدَّ قولَ الفارسيِّ بأنه لا مُوْجبَ لقَلْبِها ياءً ثم قال : » وقال بعضُ الناسِ « فذكَر ما قَدَّمْتُه عن أبي علي إلى آخره.

اهـ (الدُّرُّ المصُون).

قرأ : (والريْحَانُ) عطف على (الْحَبُّ) ويكون  فيهما فاكهة فيهما الحب ذو العصف وفيهما الريحان ، فيكون الريحان ههنا الريحان الذي يشم ، ويكون

أيضاً ههنا الرزق.

فذكر اللّه - عزَّ وجلَّ - في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق

الِإنسان وتعليم البيان ومن خلق الشمسِ والقمر والسماء والأرض ثم خاطب

الِإنس والجن فقال :

* * *

﴿ ١٢