١٨(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (١٨) بدل من يوم الفصل ، إن شئت كان مُفسَراً ليوم الفصلِ. وقد فسرنا الصور فيما مضى. (فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا) أي تأتي كل أمة مع إمَامِهِم. __________ (١) قال ابن الجوزي حكايا عن الزَّجَّاجِ ما نصه : وقال الزجاج : إنما قيل للسحاب : معصرات ، كما قيل : أجزَّ الزرع ، فهو مُجِزُّ ، أي : صار إلى أن يُجَزَّ ، فكذلك السحاب إذا صار إلى أن يمطر ، فقد أعصر. اهـ (زاد المسير. ٩ / ٦) وقال السَّمين : مِنَ المعصرات : يجوزُ في « مِنْ » أَنْ تكونَ على بابِها من ابتداءِ الغاية ، وأَنْ تكونَ للسببية . ويَدُلُّ قراءةُ عبدِ اللّه بنِ يزيد وعكرمة وقتادة « بالمُعْصِرات » بالباءِ بدلَ « مِنْ » وهذا على خلافٍ في « المُعْصِرات » ما المرادُ بها؟ فقيل : السحاب . يقال : أَعْصَرَتْ السَّحائِبُ ، أي : شارَفَتْ أَنْ تُعْصِرَها الرياحُ فتُمْطِرَ كقولك : « أجَزَّ الزرعُ » إذا حان له أن يُجَزَّ . ومنه « أَعْصَرَتِ الجارِيَةُ » إذا حان لها أَنْ تحيضَ . قاله الزمخشريُّ . وأنشد ابنُ قتيبة لأبي النجم : ٤٤٦٦ تَمْشي الهُوَيْنَى ساقِطاً خِمارُها . . . قد أَعْصَرَتْ قَدْ دَنَا إعْصارُها قلت : ولولا تأويلُ « أَعْصَرَتْ » بذلك لكان ينبغي أَنْ تكونَ المُعْصَرات بفتح الصادِ اسمَ مفعول؛ لأنَّ الرياحَ تُعْصِرُها. وقال الزمخشري : « وقرأ عكرمةُ » بالمُعْصِرات « . وفيه وجهان : أَنْ يُراد الرياحُ التي حانَ لها أَنْ تُعْصِرَ السحابَ ، وأَنْ يُرادَ السحائبُ؛ لأنَّه إذا كان الإِنزالُ منها فهو بها/ كما تقول : أَعْطى مِنْ يدِه درهماً ، وأَعْطى بيدِه . وعن مجاهد : المُعْصِرات : الرياحُ ذواتُ الأعاصيرِ . وعن الحسن وقتادة : هي السماواتُ . وتأويلُه : أنَّ الماءَ يَنْزِلَ من السماءِ إلى السحاب فكأنَّ السماواتِ يَعْصِرْنَ ، أي : يَحْمِلْنَ على العَصْر ويُمَكِّنَّ منه . فإنْ قلتَ : فما وَجْهُ مَنْ قرأ » من المُعْصِرات « وفسَّرها بالرياح ذواتِ الأعاصيرِ ، والمطرُ لا يَنْزِلُ من الرياح؟ قلت : الرياحُ هي التي تُنْشِىءُ السحابَ وتَدِرُّ أخلافَه ، فيَصِحُّ أَنْ تُجْعَلَ مَبْدأً للإِنزال . وقد جاء : إنَّ اللّه يَبْعَثُ الرياحَ فتحملُ الماءَ من السماء ، فإنْ صَحَّ ذلك فالإِنْزالُ منها ظاهرٌ . فإنْ قلت : ذكر ابن كَيْسانَ : أنه جَعَلَ المُعْصِرات بمعنى المُغِيثات ، والعاصِرُ هو المُغيث لا المُعْصِر . يقال : عَصَرَهُ فاعْتَصَرَ . قلت : وَجْهُه أَنْ يُرادَ : اللاتي أَعْصَرْن ، أي : حان لها أَنْ تُعْصِرَ ، أي : تُغيث » . قلت : يعني أنَّ « عَصَرَ » بمعنى الإِغاثةِ ثلاثيٌّ ، فكيف قيل هنا : مُعْصِرات بهذا ، وهو من الرُّباعي؟ فأجاب عنه بما تقدَّم ، يعني أنَّ الهمزةَ بمعنى الدُّخولِ في الشيء. ثَجَّاجاً الثَّجُّ : الانصِبابُ بكثرةٍ وشِدَّةٍ . وفي الحديث : « أحَبُّ العملِ إلى اللّه العَجُّ والثَّجُّ » فالعَجُّ : رَفْعُ الصوتِ بالتلبيةِ ، والثَّجُّ : إراقةُ دماءِ الهَدْيِ . يقال : ثَجَّ الماءُ بنفسِه ، أي : انصَبَّ وثَجَجْتُه أنا ، أي : صَبَبْتُه ثَجّاً وثُجوجاً ، فيكونُ لازماً ومتعدياً . وقال الشاعر : ٤٤٦٧ إذا رَجَفَتْ فيها رَحَىً مُرْجَحِنَّةٌ . . . تَبَعَّجَّ ثَجَّاجاً غَزيرَ الحوافِلِ وقرأ الأعرج « ثجَّاحاً » بالحاءِ المهملةِ أخيراً . وقال الزمخشري : « ومَثاجِحُ الماءِ مَصابُّه ، والماءُ يَنْثَجِحُ في الوادي ». اهـ (الدُّرُّ المصُون). |
﴿ ١٨ ﴾