٤

(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)

(حَمَّالَةُ الْحَطَبِ)

ويقرأ (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) - بالنصب - وامرأته رفع من وجهين :

أحدهما العطف على ما في " سَيُصْلَى " ،  سيصلى هو وامرأته ويكون (حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) نعتا لها.

ومن نصب فعلى الذم ، والمعنى : أعني (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ).

ويجوز رفع (وَامْرَأَتُهُ) على الابتداء ، و (حَمَّالَةُ) من نعتها ، ويكون الخبر :

(فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ).

خبر الابتداء.

__________

(١) قال السَّمين :

  تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ  : أي : خَسِرَتْ ، وتقدَّم تفسيرُ هذه المادةِ في سورة غافر في   إِلاَّ فِي تَبَابٍ  [ غافر : ٣٧ ] ، وأسند الفعلَ إلى اليدَيْنِ مجازاً لأنَّ أكثرَ الأفعالِ تُزاوَلُ بهما ، وإنْ كانَ المرادُ جملةَ المَدْعُوِّ عليه . و « تَبَّتْ » دعاءٌ ، و « تَبَّ » إخبارٌ ، أي : قد وقع ما دُعِيَ به عليه . كقول الشاعر :

٤٦٦٨ جَزاني جَزاه اللّه شرَّ جَزائِه . . . جزاءَ الكِلابِ العاوياتِ وقد فَعَلْ

ويؤيِّده قراءةُ عبد اللّه « وقد تَبَّ » والظاهرُ أنَّ كليهما دعاءٌ ، ويكونُ في هذا شَبَهٌ مِنْ مجيءِ العامِّ بعد الخاصِّ؛ لأنَّ اليَدَيْن بعضٌ ، وإن كان حقيقةُ اليدَيْن غيرَ مرادٍ ، وإنما عَبَّر باليدَيْنِ؛ لأن الأعمال غالِباً تُزاوَلُ بهما.

وقرأ العامة « لَهَبٍ » بفتح الهاء . وابنُ كثيرٍ بإسكانِها . فقيل : لغتان بمعنىً ، نحو النَّهْر والنَّهَر ، والشَّعْر والشَّعَر ، والنَّفَر والنَّفْر ، والضَّجَر والضَّجْر . وقال الزمخشري : « وهو مِنْ تغييرِ الأعلامِ ك » شُمْس ابن مالك « بالضم ، يعني أنَّ الأصلَ شَمْسِ بفتح الشين فَغُيِّرَتْ إلى الضَمِّ ، ويُشير بذلك لقولِ الشاعر :

٤٦٦٩ وإنِّي لَمُهْدٍ مِنْ ثَنَائِي فَقاصِدٌ بِهِ . . . لابنِ عَمِّ الصِّدْقِ شُمْسِ بنِ مالكِ

وجَوَّزَ الشيخُ في » شُمْس « أَنْ يكونَ منقولاً مِنْ » شُمْس « الجمع مِنْ  » أذنابُ خيلٍ شُمْسٍ « فلا يكونُ من التغيير في شيءٍ . وكنى بذلك : إمَّا لالتهابِ وجنَتَيْه ، وكان مُشْرِقَ الوجهِ أحمرَه ، وإمَّا لِما يَؤُول إليه مِنْ لَهَبِ جنهمَ ، كقولِهم : أبو الخيرِ وأبو الشَّرِّ لصُدورِهما منه . وإمَّا لأنَّ الكُنيةَ أغلبُ من الاسم ،  لأنَّها أَنْقصُ منه ، ولذلك ذكرَ الأنبياءَ بأسمائِهم دون كُناهم ،  لُقْبحْ اسمِه ، فإنَّ اسمَهِ » عبد العزى « فعَدَلَ إلى الكُنْية ، وقال الزمخشري : » فإنْ قلتَ : لِمَ كَناه والكُنيةُ تَكْرُمَةٌ؟ ثم ذكَرَ ثلاثةَ أجوبةٍ : إمَّا لشُهْرَتِه بكُنْيته ، وإمَّا لقُبْحِ اسمِه كما تقدَّم ، وإمَّا لأنَّ مآلَه إلى لهبِ جهنمِ « . انتهى . وهذا يقتضي أنَّ الكنيةَ أشرفُ وأكملُ لا أنقصُ ، وهو عكسُ قولٍ تقدَّمَ آنفاً.

وقُرئ : » يدا أبو لَهَبٍ « بالواوِ في مكانِ الجرِّ . قال الزمخشري : » كما قيل : عليُّ بن أبو طالب ، ومعاويةُ بنُ أبو سفيان ، لئلا يتغيَّرَ منه شيءٌ فيُشْكِلَ على السامعِ ول فَلِيْتَةَ بنِ قاسمٍ أميرِ مكة ابنان ، أحدُهما : عبدِ اللّه بالجرِّ ، والآخرُ عبدَ اللّه بالنصب « ولم يَختلف القُرَّاءُ في   ذاتَ لَهَب  أنها بالفتح . والفرقُ أنها فاصلةٌ فلو سَكَنَتْ زال التَّشاكلُ.

  مَآ أغنى  : يجوزُ في « ما » النفيُ والاستفهامُ ، وعلى الثاني تكون منصوبةَ المحلِّ بما بعدَها التقدير : أيُّ شيء أغنى المالُ؟ وقُدِّم لكونِه له صَدْرُ الكلامِ.

  وَمَا كَسَبَ  يجوز في « ما » هذه أَنْ تكونَ بمعنى الذي ، فالعائد محذوفٌ ، وأَنْ تكونَ مصدريةً ، أي : وكَسْبُه ، وأَنْ تكونَ استفهاميةً يعني : وأيَّ شيءٍ كَسَبَ؟ أي : لم يَكْسَبْ شيئاً ، قاله الشيخُ ، فجعل الاستفهامَ بمعنى النفيِ ، فعلى هذا يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً ، ويكونَ  على ما ذَكَرَ ، وهو غيرُ ظاهرٍ وقرأ عبد اللّه : « وما اكْتَسَبَ ».

  سيصلى  العامَّةُ على فتحِ الياءِ وإسكانِ الصادِ وتخفيفِ اللامِ ، أي : يصلى هو بنفسِه . وأبو حيوةَ وابنُ مقسمٍ وعباسٌ في اختيارِه بالضمِّ والفتحِ والتشديدِ . والحسن وأبن أبي إسحاق بالضمِّ والسكون.

اهـ (الدُّرُّ المصُون).

وجاء في التفسير.

(حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) أنها أم جميل وأنها كانت تمشي بالنميمة

قال الشاعر :

مِن البِيضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ . . . ولم تَمْشِ بينَ الحَيِّ بالحَطَبِ الرَّطْبِ

أي بالنميمة.

وقيل إنها كانت تحمل الشوك ، شوك العضاة فتطرحه في طريق النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وأصحابه.

* * *

﴿ ٤