٥

وقوله عزَّ وجلَّ : (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)

الجَيِّد العنق.

وقيل في التفسير : (حبل مِنْ مَسَدٍ). سلسلة طولها سَبْعُونَ ذراعاً.

يعنى أنها تسلك في السلسلة سبعون ذراعاً.

والمسد في لغة العرب الحبل إذا كان من ليفِ المُقْلِ ، وقد يقال لما كان من أدبار الإبل من الحبال مَسَدٌ.

قال الشاعِرُ :

وَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانُقِ (١).

__________

(١) قال السَّمين :

  وامرأته حَمَّالَةَ الحطب  : قراءةُ العامَّةِ بالرفع على أنهما جملةٌ مِنْ مبتدأ وخبرٍ سِيْقَتْ للإِخبار بذلك . وقيل : « وامرأتُه » عطفٌ على الضميرِ في « سَيَصْلى » ، سَوَّغَه الفصلُ بالمفعولِ . و « حَمَّالةُ الحطبِ » على هذا فيه أوجهٌ : كونُها نعتاً ل « امرأتهُ » . وجاز ذلك لأن الإِضافةَ حقيقيةٌ؛ إذا المرادُ المضيُّ ،  كونُها بياناً  كونُها بدلاً لأنها قريبٌ مِنْ الجوامدِ لِتَمَحُّضِ إضافتِها ،  كونُها خبراً لمبتدأ مضمرٍ ، أي : هي حَمَّالةُ . وقرأ ابنُ عباس « ومُرَيَّتُهُ » و « مْرَيْئَتُهُ » على التصغير ، إلاَّ أنَّه أقَرَّ الهمزةَ تارةً وأبدلَها ياءً ، وأدغم فيها أخرى.

وقرأ العامةُ  حَمَّالَةُ  بالرفع . وعاصمٌ بالنصبِ فقيل : على الشَّتْم ، وقد أتى بجميلٍ مَنْ سَبَّ أمَّ جميل . قاله الزمخشري ، وكانت تُكْنَى بأمِّ جميل . وقيل : نصبٌ على الحالِ مِنْ « أمرأتُه » إذا جَعَلْناها مرفوعةً بالعطفِ على الضَّميرِ . ويَضْعُفُ جَعْلُها حالاً عند الجمهور من الضميرِ في الجارِّ بعدها إذا جَعَلْناه خبراً ل « امرأتُه » لتقدُّمها على العاملِ المعنويِّ . واستشكل بعضُهم الحاليةَ لِما تقدَّم من أنَّ المرادَ به المُضِيُّ ، فيتعرَّفُ بالإِضافةِ ، فكيف يكونُ حالاً عند الجمهور؟ ثم أجابَ بأنَّ المرادَ الاستقبالُ لأنَّه وَرَدَ في التفسير : أنها تحملُ يومَ القيامةِ حُزْمَةً مِنْ حَطَبِ النار ، كما كانت تحملُ الحطبَ في الدنيا.

وفي   حَمَّالَةَ الحطب  قولان . أحدُهما : هو حقيقةُ . و

الثاني : أنه مجازٌ عن المَشْيِِ بالنميمةِ ورَمْيِ الفِتَنِ بين الناس . قال الشاعر :

٤٦٧٠ إنَّ بني الأَدْرَمِ حَمَّالو الحَطَبْ . . . هُمُ الوشاةُ في الرِّضا وفي الغضبْ

وقال آخر :

٤٦٧١ مِنْ البِيْضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ . . . ولم تَمْشِ بين الحَيِِّ بالحطبِ الرَّطْبِ

جَعَلَه رَطْباً تنبيهاً على تَدْخينه ، وهو قريبٌ مِنْ ترشيحِ المجازِ . وقرأ أبو قلابة  حاملةَ الحطبِ  على وزن فاعِلَة . وهي محتملةُ لقراةِ العامَّةِ . وعباس « حَمَّالة للحطَبِ » بالتنوين وجَرِّ المفعولِ بلامٍ زائدةٍ تقويةً للعاملِ ، كقولِه تعالى فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ  [ هود : ١٠٧ ] وأبو عمروٍ في روايةٍ « وامرأتُه » باختلاسِ الهاءِ دونَ إشباعٍ.

  فِي جِيدِهَا حَبْلٌ  : يجوزُ أَنْ يكونَ « في جيدِها » خبراً ل « امرأتُه » و « حبلٌ » فاعلٌ به ، وأَنْ يكونَ حالاً مِنْ « امرأتُه » على كونِها فاعلة . و « حبلٌ » مرفوعٌ به أيضاً ، وأَنْ يكونَ خبراً مقدَّماً . و « حَبْلٌ » مبتدأٌ مؤخرٌ . والجملةُ حاليةٌ  خبر ثانٍ ، والجِيْدُ : العُنُق ، ويُجْمع على أجيادُ . قال امرؤ القيس :

٤٦٧٢ وجِيْدٍ كجِيْدِ الرِّئْمِ ليس بفاحِشٍ . . . إذا هي نَصَّتْهُ ولا بمُعْطَّلِ

و  مِّن مَّسَدٍ  صفةٌ ل « حَبْل » والمَسَدُ : لِيْفُ المُقْلِ : وقيل : اللِّيفُ مطلقاً . وقيل : هو لِحاءُ شَجَرٍ باليمن . قال النابغة :

٤٦٧٣ مَقْذُوْفَةٌ بِدَخِيْسِ النَّحْضِ بَازِلُها . . . له صريفٌ صَريفُ القَعْوِ بالمَسَدِ

وقد يكونُ مِنْ جلود الإِبل وأَوْبارِها . وأنشد :

٤٦٤٧ ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيانِقِ . . . ويقال : رجلٌ مَمْسود الخَلْق ، أي : شديدُه.

اهـ (الدُّرُّ المصُون).

﴿ ٥