١١

المائدة : ١١ يا أيها الذين . . . . .

قوله سبحانه : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت اللّه عليكم إذ هم قوم أن

يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم . . . الآية ، نزلت هذه الآية ؛ لأن

رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان قد بعث المنذر بن عمرو الأنصاري في أناس من أصحابه إلى بئر

معوتة ، وهو ماء بني عامر ، فساروا حتى أشرفوا على الأرض ، فأدركهم الماء فنزلوا ،

فلما كان المساء ، أضل أربعة منهم بعيرا لهم ، فاستأذنوا أن يقيموا ، فأذن لهم المنذر ، ثم

سار المنذر بمن معه ، وأصبح القوم وقد جمعوا لهم على الماء ، وكانت بنو سليم هم الذين

آذنوا بني عامر بهم ، فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل المنذر بن عمرو ومن معه ،

وأصاب الأربعة بعيرهم من الغد ، فأقبلوا في طلب أصحابهم ، فلقيتهم وليدة لبني عامر

في غنيمة ترعاها ، فقالت لهم : أمن أصحاب محمد أنتم ؟   نعم ، رجاء أن تسلم ،

فقالت : النجاء ، فإن إخوانكم قد قتلوا حول الماء ، قتلهم عامر بن الطفيل بن مالك بن

جعفر .

فقال أحد الأربعة : ما ترون ؟   نرى أن نرحل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فنخبره بالذي

كان ، قال : لكني واللّه لا أرجع حتى انتقم من أعداء أصحابي اليوم ، فامضوا راشدين

واقرأوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مني السلام كثيرا ، فأشرف على الخيل ، فنظر إلى أصحابه

مقتلين عند الماء ، فأخذ سيفه ، فضرب به حتى قتل ، رحمه اللّه ، ورجع الثلاثة إلى المدينة ،

فأتوها حين أمسوا ، فلقوا رجلين من بني سليم وهما خارجان من المدينة ، فقالوا لهما :

من أنتما ؟ قالا : نحن من بني عامر ، ف  أنتما ممن قتل إخواننا ، فأقبلوا عليهما

فقتلوهما .

ثم دخلوا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأخبروه الخبر ، فوجدوا الخبر قد سبق إليه ، ف  يا رسول

اللّه ، غشينا المدينة ممسين ، فوجدنا رجلين من بني عامر ، فقتلناهما وهذا سلبهما ، فقال

رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : بئس ما صنعتما ، فإنهما كانا من بني سليم ، قال : وكان بين بني

سليم وبين النبي صلى اللّه عليه وسلم موادعة وعهد ، فنزلت : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله ، يقول : لا تعجلوا بأمر ولا بفعل حتى يأمركم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ،

 واتقوا اللّه ولا تخالفوا على نبيكم إن اللّه سميع لما تقولون عليم

[ الحجرات : ١ ] بما تفعلون .

وجاء أهل السليميين ، ف  يا محمد ، إن صاحبينا أتياك فقتلا عندك ، فقال رسول

اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إن صاحبيكما اعتزيا إلى عدونا حتى قتلا ، ولكنا سنعقل صاحبيكم ، فانطلق

رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أهل عهده ، فبدأ ببني النضير ، فقال : أنتم جيرننا وحلفاؤنا ، والأيام ،

دول ، وقد رأيتم الذي أصابنا ، فاتخذوا عندنا يدا نجزكم بها غدا إن شاء اللّه ، ف

مرحبا بك وأهلا ، إخواننا بنو قريظة لا نحب أن نسبقهم بأمر ، ولكن ائتنا يوم كذا

وكذا ، وقد جمعنا لك الذي تريد أن نعطيك .

فرجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من عندهم ، فأرسلوا إلى بني قريظة : أن محمدا مغرور ، يأتينا في

الرجل والرجلين ، فاجتمعوا له فاقتلوه ، فأتاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لميعادهم ، ومعه ثلاثة نفر :

أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، رضي اللّه عنهم ، وهو صلى اللّه عليه وسلم رابعهم ، فأجلسوه في صفة لهم ، ثم

خرجوا يجمعون السلاح له ، وكان كعب بن الأشرف عند ذلك بالمدينة ، فهم ينتظرونه

حتى يأتيهم ، فأوحى اللّه عز وجل إلى نبيه ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بما يراد به

وبأصحابه ، فقام نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ولم يؤذن أصحابه مخافة أن يثوروا بهم ، فأتى باب الدار ،

فقام به .

فلما أبطأ على أصحابه ، خرج على لينظر ما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فإذا هو على

الباب ، فقال : يا رسول اللّه ، احتبست علينا ، حتى خفنا عليك أن يكون قد اغتالك

أحد ، قال : فإن أعداء اللّه قد أرادوا ذلك ، فقم مكانك بالباب حتى يخرج إليه بعض

أصحابك ، فأقمه مكانك وأخبره بالذي أخبرتك ، ثم الحقني ، ومضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :

وقام الآخر بالباب ، حتى خرج إليه صاحبه ، فقال : احتبست أنت ورسول اللّه ، حتى

خفنا عليكما ، فأخبره الخبر ، فمكث مكانه ولحق الآخر برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : فلما أبطأوا

على صاحبهم خرج ، فاتبعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فذلك قوله سبحانه : يا أيها الذين

آمنوا اذكروا نعمت اللّه عليكم إذ هم قوم ، وهم اليهود أن يبسطوا إليكم أيديهم بالسوء فكف أيديهم عنكم  واتقوا اللّه وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون [ آية : ١١ ] .

﴿ ١١