١١

الأنفال : ١١ إذ يغشيكم النعاس . . . . .

و

قوله : إذ يغشيكم النعاس ، وذلك أن كفار مكة سبقوا النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى ماء بدر ،

فخلفوا الماء وراء ظهورهم ، ونزل المسلمون حيالهم على غير ماء ، وبينهم وبين عدوهم

بطن واد فيه رمل ، فمكث المسلمون يوماً وليلة يصلون محدثين مجنبين ، فأتاهم إبليس ،

لعنة اللّه ، فقال لهم : أليس قد زعمتم أنكم أولياء اللّه على دينه ، وقد غلبتم على الماء

تصلون على غير طهور ، وما يمنع القوم من قتالكم إلا ما أنتم فيه من العطش والبلاء ،

حتى إذا انقطعت رقابكم من العطش ، قاموا إليكم فلا يبصر بعضكم بعضاً ، فيقرنونكم

بالحبال ، فيقتلون منكم من شاءوا ، ثم ينطلقون بكم إلى مكة .

فحزن المسلمون وخافوا ، وامتنع منهم النوم ، فعلم اللّه ما في قلوب المؤمنين من

الحزن ، فألقى اللّه عليهم النعاس أمنة من اللّه ليذهب همهم ، وأرسل السماء عليهم ليلاً ،

فأمطرت مطراً جواداً حتى سالت الأودية ، وملؤوا الأسقية ، وسقوا الإبل ، واتخذوا

الحياض ، واشتدت الرملة ، وكانت تأخذ إلى كعبي الرجال ، وكانت باعة المؤمنين رجال

لم يكن معهم إلا فارسان : المقداد بن الأسود ، وأبو مرثد الغنوى ، وكان معهم ستة

أدرع ، فأنزل اللّه إذ يغشيكم النعاس  أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به من الأحداث ، والجنابة ويُذهب عنكم رجز الشَّيطن ، يعني

الوسوسة التي ألقاها في قلوبكم والحزن وليربط على قُلوبِكُم بالإيمان من تخويف

الشيطان ويثبت به ، يعنى بالمطر الأقدام [ آية : ١١ ] .

﴿ ١١