١٥يوسف : ١٥ فلما ذهبوا به . . . . . فلما ذهبوا بِهِ بيوسف وأجمعوا أمرهم أَن يجعلوه في غيابَتِ الجُب على رأس ثلاثة فراسخ ، فألقوه في الجب ، والماء يومئذ كدر غليظ ، فعذب الماء وصفا حين ألقى فيه ، وقام على صخرة في قاصية البئر ، فوكل اللّه به ملكاً يحرسه في الجب ويطعمه وأوحينا إِليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهُم لا يشعرون [ آية : ١٥ ] ، وذلك أن اللّه أوحى إلى يوسف ، عليه السلام ، بعدما انصرف إخوته : إنك ستخبر إخوتك بأمرهم هذا الذي ركبوا منك ، ثم قال : وَهُم لا يشعُرُونَ أنك يوسف حين تخبرهم ، فأنبأهم يوسف بعد ذلك حين قال لهم وضرب الإناء ، فقال : إن الإناء ليخبرني بما فعلتم بيوسف من الشر ونزع الثياب . قال أبو محمد عبد اللّه بن ثابت : وسمعت أبي يحدثني عن الهذيل ، عن مقاتل في قوله : وأَوحينا إليه لَتُنَبِئَنَّهُمْ بِأمرهم هذا وَهُم لا يشعُرونَ ، قال : لا يشعرون أنك يوسف . قال : وذلك أن يوسف لما استخرج الصاع من وعاء أخيه بنيامين ، قطع بالقوم وتحيروا ، فأحضرهم وأخذ بنيامين مكان سرقته ، ثم تقدم إلى أمينه ، فقال له : أحضر الصاع إذا حضروا وانقره ثلاث نقرات ، واستمع طنين كل نقرة حتى تسكن ، ثم قل في النقرة الأولى كذا ، وفي الثانية كذا ، وفي الثالثة كذا ، وأوهمهم أنك إنما تخبرني عن شيء تفهمه من طنين الصاع ، قال : فأمر بهم فجمعوا ، ثم قال يوسف للذي استخرج الصاع ، وهو أمينه : أحضر الصاع الذي سرقوه ، وتقدم إليه ألا يكتمنا من أخبارهم شئياً ، فإنه غضبان عليهم ويوشك أن يصدق عنهم ، قال : فأحضره والقوم ، وقال له الأمين : أيها الصاع ، إن الملك يأمرك أن تبين له أمر هؤلاء القوم ولا تكتمه شيئاً من أمرهم ، ثم نقره نقرة شديد ، وأصغى إليه يسمعه ، كأنه يستمع منه شيئاً ، فقال : أيها الملك ، إن الصاع يقول لك : إنهم أخبروك أنهم لأم واحدة ، وأنهم لأمهات شتى ، وذلك وقع بينهم ما يقع بين الأولاد العتاة . قال : قل له لا يكتمنا من أخبارهم شيئاً ، ثم نقره الثانية وأصغى إليه يسمعه ، فلما سكن ، قال : أيها الملك ، إنهم أخبروك أن لهم أخاً مفقوداً ، ولن تنصرم الأيام والليالي حتى يأتي ذلك الغلام فيتبين الناس أخبارهم . قال : مرة ألا يكتمنا من أخبارهم شيئاً ، قال : فطن الثالثة ، فلما سكن قال : أيها الملك إنه ما دخل على أبيهم غم ولا هم ولا حزن إلا بسببهم وجرائرهم ، قال : أوعز إليه ألا يكتمنا من أخبارهم شيئاً قال : فنظر بعضهم إلى بعض ، وخافوا أن يظهر عليهم ما كتموه من أمر يوسف عليه السلام ، فقاموا إليه بجمعهم يقبلون رأسه وعينيه ، ويقولون : بالذي أشبهك بالنبيين وفضلك على العالمين ، ألا أقلت العثرة ، وسترت العورة ، وحفظتنا في أبينا يعقوب ، فرق لهم ، وقال : لولا حفاظي لكم في أبيكم لنكلت بكم ولألحقتكم بالسراق واللصوص ، أغربوا عني ، فلا حاجة لي فيكم . قال : فلما قدموا على أبيهم أخبروه بأخبارهم ، قال : فردهم بالبضاعة المزجاة ، وكتب معهم كتاباً إليه ، فيه : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من يعقوب إسرائيل اللّه ابن إسحاق ذبيح اللّه ابن إبراهيم خليل اللّه ، إلى عزيز مصر ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني ما سرقت ، ولا ولدت سارقاً ، ولكن أهل بيت البلاء موكل بنا ، أما جدي ، فألقى في النار ، فجعلها اللّه عليه برداً وسلاماً ، وأما أبي ، فأضجع للذبح ، ففداه اللّه بذبح عظيم ، وأما أنا ، فبليت بفقد حبيبي وقرة عيني يوسف . قال : فلما وصلوا إليه أوصلوا كتابه ، فلما قرأ كتابه انتحب ، فقيل له : كأنك صاحب الكتاب ، قال : أجل فذلك قوله : لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ، ثم تعرف إليهم فعرفوه . |
﴿ ١٥ ﴾