بسم اللّه الرحمن الرحيم   

سورة الروم

٤

قوله تعالى { في بضع سنين } الأصل في سنة أن لا تجمع بالياء والنون والواو والنون لأن الواو والنون لمن يعقل ولكن جاز ذلك في سنة وان كانت مما لا يعقل للحذف الذي دخلها لأن أصلها سنوة على فعله وقيل سنهة دليله قولهم‏‏‏ سنوات وقولهم‏‏‏ سانهت من السنين وكسرت السين في سنين لتدل على أنه جمع على غير الأصل لأن كل ما جمع جمع السلامة لا يتغير فيه بناء الواحد فلما تغير بناء الواحد في هذا الجمع بكسر أوله وقد كان مفتوحا في الواحد علم أنه جمع على غير أصله

قوله { من قبل ومن بعد } قبل وبعد مبنيان وهما ظرفا زمان أصلهما الاعراب وانما بنيا لأنهما تعرفا بغير ما تتعرف به الأسماء وذلك أن الأسماء تتعرف بالألف واللام وبالاضافة الى المعرفة وبالاضمار وبالاشارة وبالعهد وليس في قبل وبعد شيء من ذلك فلما تعرفا بخلاف ما تتعرف به الأسماء وهو حذف ما أضيفا اليه خالفا الأسماء وشابها الحروف

فبنيا كما تبنى الحروف وكان أصلهما أن يبنيا على سكون لأنه أصل البناء لكن قبل الاخر ساكن فيهما وأيضا فأنه قد كان لهما في الأصل تمكن لأنهما يعربان إذا أضيفا أو نكرا فبنيا على حركة وأيضا فانه لم يكن بد من حركة أو حذف ولا يمكن الحذف في حروف السلامة فحرك الثاني لأن البناء فيه وانما وجب أن تكون الحركة ضما دون الكسر والفتح لأنهما أشبها المنادى المفرد إذ المنادى يعرب اذا أضيف أو نكر كما يفعل بهما فبنيا على الضم كما بني المنادى المفرد وقد قال علي بن سليمان انما بنيا لأنهما متعلقان بما بعدهما فأشبها الحروف إذ الحروف متعلقة بغيرها لا تفيد شيئا الا بما بعدها وقيل انما بنيا على الضم لأنهما غايتان وقد اقتصر عليهما وحذف ما بعدهما فبنيا لمخالفتهما الأسماء وأعطيا الضم لأنه غاية الحركات وقيل لما تضمنا المحذوف بعدهما صارا كبعض اسم وبعض الاسم مبني وقال الفراء لما تضمنا معنيين يعني معناهما في أنفسهما ومعنى مما بعدهما المحذوف بنيا وأعطيا الضمة لأنها أقوى الحركات وقال هشام لما لم يجز أن يفتحا فيشبها حالهما في الاضافة ولم يجز ان يكسرا فيشبها المضاف الى المخاطب ولم يسكنا لأن ما قبل الاخر ساكن لم يبق

الا الضم فأعطياه وأجاز الفراء رأيتك بعد بالتنوين رفع وبعدا بالنصب منونا وهما معرفة وأجاز هشام رأيتك بعد يا هذا بالفتح غير منون على اضمار المضاف ومعنى الآية للّه الأمر من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء فلما حذف ما بعد قبل وبعد وتضمنا معناه خالفا الأسماء فبنيا قوله وعد اللّه مصدر مؤكد

﴿ ٤