٣قوله تعالى: { الذين يؤمنون بالغيب }. قيل: الغيب هو اللّه. وقيل: إن الإيمان بالغيب للعام، لأن الإيمان بالغيب قطع عن مغيب الغيب حجبهم بالغيب عن مغيبه. وقال بعض العراقيين: الغيب هو مشاهدات الملك بعين الحق. وقيل: الذين يؤمنون بالغيب: الذين يصدقون ما أظهره على أوليائك من الآيات والكرامات. وقال أبو يزيد رحمة اللّه عليه: لا يؤمن بالغيب من لم يكن معه سراج الغيب. وقال بعض العراقيين: إنهم بغيب القرآن عاينوا غيب الآخرة، ثم بغيب الغيب شاهدوا الحق مطلعا عليهم في جميع الأوقات، فغابوا باطلاعه عليهم مشاهدة عن مشاهدة كل ما سواه، فهم قائمون معه على المشاهدة، وهذا هو الإيمان بالغيب. وقال فارس: الإيمان بالغيب تعظيم الحقيقة وصون الشريعة والرضا بالقضية، حتى تستيقن أن ليس لك من الأمر شيء. قوله تعالى: { ويقيمون الصلاة }. وإقامتها: حفظ حدودها ظاهرا وباطنا. وقال بعضهم: النية في إقامة الصلاة أي: لا أواصلك بها ولا أواصلك بتركها، ولكنها اتباع الأمر والنهي. وقيل لا يكن حظك من صلاتك إقامتها دون السرور بما أحلت له من القربة والمناجاة. وقيل: لا يكن همك فيها إقامتها دون الهيبة والتعظيم والخوف عن كيفية إقامتها ورؤية التقصير فيها. وقال ابن عطاء: إقامة الصلاة فيها حفظ حدودها مع حفظ السر مع اللّه أي: لا يختلج بسرك سواه. قوله تعالى: { ومما رزقناهم ينفقون }. قال بعض العراقيين: في الإمساك لذة وفي الإنفاق لذة، وكل ما يلتذ به العبد فهو يعبد من عين الحق. وقيل: مما رزقناهم ينفقون أي: مما خصصناهم به من أنوار المعرفة يفيضون بركتها ونورها على متبعيهم. وقيل: الذين يؤمنون بالغيب حظ قلبك ويعلمون حظ بدنك، ومما رزقناهم ينفقون حظ مالك معناه تجرد قلبك وتتعب بدنك في خدمتي وتنفق مالك في مرضاتي لأوصلك إلى معرفتي. |
﴿ ٣ ﴾