٢٠٠

قيل: ما عنده لهم خير مما يطلبونه بأفعالهم قوله عز وجل: { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا } الآية: ٢٠٠

قال الجنيد: إن اللّه تعالى ذكر الصبر وشرفه وعظم شأن الصابرين عليه لديه، فقال:

{ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا } وأمرهم بالصبر على الصبر ثم قال:

{ ورابطوا } وهو ارتباط السر مع اللّه تعالى سرا، والوقوف مع اللّه تعالى جهرا.

قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ' إنما الصبر عند الصدمة الأولى '.

قال الحارث رحمه اللّه: في قوله تعالى: { اصبروا } قال: الصبر: التهدف بسهام

البلاء.

قال الجريري رحمه اللّه: الصبر إسبال البلوى قبل وقوع البلوى، فإذا صادف البلوى

تلقاه بالمولى فلم يجزع.

قال الجنيد رحمه اللّه: الصبر حبس النفس مع اللّه تعالى بنفي الجزع عما سواه.

قال ابن عطاء رحمه اللّه: اليقين سيف النفس، والصبر من سر اللّه تعالى في أرضه،

وإن الشيطان ليتعوذ من الصابرين كما يتعوذ المؤمن من الشيطان.

قال: وسمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت جعفرا الخلدي رحمه اللّه

يقول: خير الدنيا والآخرة في صبر ساعة.

قال ذو النون رحمه اللّه: علامة الصبر خمسة:

- التباعد عن الخلطاء في الشدة والسكون إليهم.

- مع تجرع غصص البلية.

- وإظهار الغنى مع كثرة العيال.

- وجفاء الخلق مع هجرانهم له.

- وقول الحق مع احتمال الضرر في المال والبدن.

وقال بعضهم: اصبروا تحت حكمي، وصابروا في الجهاد مع أعدائي، ورابطوا

قلوبكم بموافقتي ورضائي.

وقيل: اصبروا قال: الصبر يوجب الرضا والرضا يوجب الحياء والحياء يوجب

الغنى.

قال جعفر الصادق رحمه اللّه: اصبروا عن المعاصي، وصابروا على الطاعات،

ورابطوا الأرواح بالمشاهدة، واتقوا اللّه بحسن الانبساط مع الحق عز وجل، لعلكم

تفلحون: تبلغون مواقف أهل الصدق فإنه محل الفلاح.

وقال بعضهم: اصبروا بجوارحكم على الطاعات وصابروا مع اللّه، ورابطوا

أسراركم بالحقائق لعلكم تجردون من همومكم وخطراتكم.

قال الجنيد رحمه اللّه: الصبر حبس النفس على المكروه.

﴿ ٢٠٠