١١٢

قوله تعالى: { التائبون العابدون الحامدون السائحون } الآية: ١١٢

قال سهل: ليس في الدنيا شيء من الحقوق أوجب على الخلق من التوبة، ولا

عقوبة أشد عليهم من فقد علم التوبة.

قال ابن عطاء: لا تصح العبادة إلا بالتوبة له إلا بالمداومة والسياحة والرياضة ولا

هذه المقامات وهذه المقدمات إلا بمداومة الركوع والسجود، ولا يصح هذا كله إلا بالأمر

بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يصح شيء مما تقدم إلا بحفظ الحدود ظاهرا وباطنا،

والمؤمن من تكون هذه صفته، لأن اللّه يقول: { وبشر المؤمنين } الذين هم بهذه

الصفة.

وقيل في قوله: { التائبون } الراجعون إلى اللّه بالكلية عن جميع ما لهم من صفاتهم

وأحوالهم.

{ العابدون } القائمون معه على حقيقة شرائط الخدمة.

{ الحامدون } العارفون نعم اللّه عليهم في كل خطوة وطرفة عين.

{ السائحون } الذين حبسوا أنفسهم عن مرادها طلبا لرضاه.

{ الراكعون } الخاضعون له على الدوام الساجدون الطالبون قربه.

{ الآمرون بالمعروف } الآمرون بسنة النبي صلى اللّه عليه وسلم.

{ والناهون عن المنكر } عن ارتكاب مخالفات السنن.

{ والحافظون لحدود اللّه } المراعون أوامر اللّه عليهم في جوارحهم وقلوبهم

وأسرارهم وأرواحهم { وبشر المؤمنين } القائمون بحفظ هذه الحرمات.

قال أبو يزيد رحمة اللّه عليه: السياحة راحة من ساح راح.

قال أبو سعيد الخراز في قوله: { الحافظون لحدود اللّه } قال: هم الذين أصغوا إلى

اللّه بآذان أفهامهم الواعية وقلوبهم الطاهرة، ولم يتخلفوا عن بداية بحال.

قال بعضهم: الناس أربعة: تائب وعابد ومحب وعارف، فالتائب يعمل للنجاة،

والعابد يعمل للدرجات، والمحب يعمل للقربات، والعارف يعمل لرضا ربه من غير حظ

لنفسه فيه.

قال بعضهم: التائب: الراجع إليه من كل ما سواه، والعابد المداوم على الخدمة مع

رؤية التقصير، والحامد الذي يحمد على الضراء حمده على السراء. والسائح هو الذي

يسيح في طلب الأولياء والأوتاد.

والراكع الساجد هو الخاضع للّه عز وجل في جميع الأحوال.

{ الآمرون بالمعروف } هم المتحابون في اللّه { والناهون عن المنكر } هم المتباغضون

في اللّه { والحافظون لحدود اللّه } القائمون معه على آداب السنن والشريعة.

﴿ ١١٢