٢٣قوله عز وعلا: { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه } الآية: ٢٣ قال محمد بن علي: خص اللّه الإنس من جميع الحيوان ثم خص المؤمنين من الإنس ثم خص الرجال من المؤمنين فقال: { رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه } فحقيقة الرجولية الصدق ومن لم يدخل في ميدان الصدق فقد خرج من حد الرجولية. سمعت عبد اللّه الرازي يقول: كتبت من كتاب أبي عثمان وذكر انه من كلام شاه؟ ثلاثة من علامات الصدق والوصول إلى منازل الأنبياء، وذلك: إسقاط قدر الدنيا والمال من قلبك حتى يصير الذهب والفضة عندك كالمدر والتراب متى ظفرت به صببته على الخلق كهيئة التراب، والثاني: إسقاط رؤية الخلق من قلبك حتى كأنهم كلهم أموات وأنت وحدك على وجه الأرض تعبد ربك ولا تلتفت إلى مدحهم ولا تزيد ولا تنقص شيئا من أفعالك بسبب كلامهم، والثالث: إحكام سياسة نفسك بخالصة العداوة لها وقطع الشهوات واللذات عنها حتى يكون فرحك في الجوع وترك الشهوات كفرح أبناء الدنيا بالشبع ونيل الشهوات فعندها لزمت طريق الصادقين من المريدين وستصل إلى فوائد اللّه وكرامته إن شاء اللّه تعالى. وسئل أبو حفص: من الرجال؟ فقال: الصادقون مع اللّه بوفاء العهود. قال اللّه جل ذكره: { رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه }. وقال الحسين في قوله: { رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه }. فقال: هو أن يترك الصادق إرادته لإرادة اللّه واختياره لاختياره ومحابه لمحابه وتدبيره لتدبيره حتى يرى من قلبه ونفسه وجميع جوارحه انه لا يريد إلا ما أراد اللّه يصح ذلك قوله: { رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه }. قوله عز وجل: { فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر } الآية: ٢٣ قال بعضهم: من بذل وسعه ومجهوده في الطاعة ومنهم من ينتظر بالتوفيق من ربه: { وما بدلوا تبديلا } ما تغيروا عن محبة نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم تغييرا. قوله عز وعلا: { وما بدلوا تبديلا } الآية: ٢٣ قال عمر المكي: إن اللّه عز وجل يبلى المؤمنين بأنواع من البلاء فيرجع إلى ربه بالابتهال والتضرع فيقول اللّه لملائكته: زيدوه بلاء فيقولون: يا رب زدناه بلاء فوجدناه صابرا فما يزال يقول: زيدوه ويقولون: زدناه حتى تقول الملائكة انتهى المزيد. فيقول: أكتبوه الساعة ممن لا يغير ولا يبدل ومصداقه في كتاب اللّه: { فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا }. |
﴿ ٢٣ ﴾