١٩

قوله تعالى: { اللّه لطيف بعباده } الآية: ١٩

قال ابن عطاء: يعلم من أنفسهم ما لا يعلمون من نفوسهم فربط كلا بحده فمن بقي

مع حده حجب ومن تجاوز حده هلك.

قال بعضهم: تلطف بعبده من فنون المبار ما يتعجب فيها المتعجبون كما جاء في الخبر

حتى يقول الناس أهذا نبي أو ولي فقيل لهم: المتحابون في اللّه.

وقال علي بن عبد العزيز: اللطيف من يلطف بهم من الجهات الخفية ومن أحسن

إليك في خفاء فقد لطف بك يرزق من يشاء من عباده يدخلهم الجنة فضلا ولا يمن بها

عليهم.

قال أبو سليمان الداراني: من لطف اللّه بعبده أن يميز له كنه معرفته حتى لا تتكدر

عليه نعماؤه.

سمعت محمد بن أحمد بن إبراهيم الفارسي يقول: سمعت أبا محمد الجريري يقول

في قوله: { اللّه لطيف بعباده } معناه لطيف بعبده حيث لم يكشف له ما سبق من الأزلية

لأنه لو كشف للسعيد سعادته لامتنع من عبادة اللّه والسعي في طلب رضاه وكذلك

الشقاوة.

وقال الجنيد رحمة اللّه عليه: اللطيف الذي لطف بأوليائه حتى عرفوه.

وقال ابن عطاء: الذي يعرف العيوب بلا دليل.

وقال بعضهم: اللطيف الذي ينسى العباد في الآخرة ذنوبهم لئلا يتحسروا.

وقال القاسم: اللطيف الذي لم يدع أحدا يقف على مائية أسمائه فكيف يقف على

مائية وصفه وذاته.

وقال اللطيف الذي لطفه في كل مكان حتى لا يبقى مكان إلا لطفه غالب عليه.

قال بعضهم: اللطيف الذي لم يظهر شيئا من الأكوان يقف على مائيته.

قال بعضهم: اللطيف الذي لم يدع أحدا يقف على مائية أسمائه.

وقال الجنيد رحمة اللّه عليه: اللطيف من نور قلبك بالهدى وربى جسمك بالغذاء

واخرجك من الدنيا مع الإيمان بغير بلوى ويحرسك وأنت في لظى ويمكنك حتى تنظر

وترى هذا لطف اللطيف بالعبد اللطيف.

قال أبو سعيد الخراز في قوله: { لطيف بعباده } موجود في الظاهر والباطن والأشياء

كلها موجودة به لكن يوجد ذكره في قلب العبد مرة ويفقد مرة ليجدد بذلك افتقاره

إليه.

قال القاسم في قوله: { يرزق من يشاء } الفطنة والحكمة وهو القوى العزيز القوى

بقوى الفطن والعزيز عزز عنايته ورعايته ولا يبذلها لكل أحد.

﴿ ١٩