سورة الزخرف

بسم اللّه الرحمن الرحيم

٢

قوله عز وعلا: { والكتاب المبين } الآية: ٢

قال سهل: بين فيه الهدى من الضلالة والخير من الشر وبين فيه سعادة السعداء وشقاوة الأشقياء.

٤

قوله تعالى: { وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم } الآية: ٤

قال سهل: أم الكتاب هو اللوح المحفوظ أي لرفيع مستولي على سائر الكتب.

١٣

قوله تعالى: { لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه } الآية: ١٣

قال بعضهم: من لم يعرف نعم اللّه عليه إلا في مطعمه ومشربه ومركبه فقد صغر نعم اللّه عنده.

قال ابن عطاء: خاطب العوام بأنهم يذكرون النعم في وقت دون وقت ولا يعرفون نعم اللّه عليهم في كل نفس وطرفة عين وحركة وسكون.

قال سهل: خص الأنبياء وبعض الصديقين بمعرفة نعم اللّه عليهم قبل زوالها وحكم اللّه فيهم.

قال أبو بكر بن طاهر في هذه الآية: ليكن ركوبكم على الدواب ضرورة عن المشي أو حربا في سبيل اللّه ولا يكن ركوبهم عليها ركوب لهو وافتخار.

١٥

قوله تعالى: { وجعلوا له من عباده جزءا } الآية: ١٥

قال ابن عطاء: لم يصحح التفويض والتسليم من كل وجه.

قال سهل: { وجعلوا له من عباده جزءا } الا ترى النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: ' إن أحدكم يصلي وليس له من صلاته إلا ثلثها وربعها.. ' الحديث.

٢٥

قوله عز وعلا: { فانظر كيف كان عاقبة المكذبين } الآية: ٢٥

قال ابن عطاء: حسنا في أعينهم ما فيه هلاكهم فهلكوا من حيث طلبوا النجاة وهو

الانتقام.

قال أبو عثمان: انتقام اللّه من عبيده أن يجريهم في ميدان الغفلة ولا يحملهم على

مدارج الذكر ورياض الأنس.

قال أبو بكر بن طاهر: جعلناهم غرقى في الشهوات والأماني فلم يتفرغوا إلى

تصحيح التوحد والمعاملات.

٢٨

قوله تعالى: { وجعلها كلمة باقية في عقبه } الآية: ٢٨

قال سهل: التوحيد في ذريته إلى يوم القيامة.

٣١

قوله تعالى: { وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم }

الآية: ٣١

قال ابن عطاء: ليس العظيم عند اللّه والمكين من عظمته القرى وأهلها وتبين آثار

النعيم والغنى عليه، إنما المكين والعظيم من أجرى عليه حكم السعادة في القدم.

٣٢

قوله تعالى: { أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم } الآية: ٣٢

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: رزق قوما حلالا ومدحهم عليه، وقوما شبهة وذمهم

عليه، وقوما حراما وعاقبهم عليه، وغذى موسى بالحرام المحض ولم يلمه عليه، قال

النبي صلى اللّه عليه وسلم: ' إن روح القدس نفث في روعى أن نفسا لا تموت حتى

تستكمل رزقها، ألا

فاتقوا اللّه وأجملوا في الطلب ' وقال: { أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا }.

قال القاسم: إن اللّه تعالى خلق الخلق اقساما خلق الغزاة لقمع الكفار وخلق

السلطان لقمع الأشرار وخلق العلماء لقمع الجهال وخلق العارفين لقمع المدعيين.

قال بعضهم: لم يترك قسم معاش الدنيا مع خستها للعبد فكيف يترك قسمة الرحمة

للعبد مع جلالتها.

قوله تعالى: { ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } الآية: ٣٢

قال سهل: فضلنا بعضهم على بعض في المعرفة والطاعة عيشا لهم في الدنيا

والآخرة.

وقال الجنيد رحمة اللّه عليه: { ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } قال: بالتمييز

وحفظ السر.

وقال بعضهم: بالحلم والأناة.

وقال بعضهم: بالثقة والتوكل.

وقال بعضهم: بمعرفة كيد النفس ووسوسة الشيطان.

وقال أبو الحسين الوراق: بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قوله تعالى: { ورحمة ربك خير مما يجمعون } الآية: ٣٢

قال سهل: الذكر للّه خالصا خير من كثرة الأعمال لطلب الجزاء.

قال ابن عطاء: يعطيكم على سبيل الفضل خير لهم مما يجازيهم بأعمالهم.

وقال بعضهم: طلب الرحمة في إتمام الفرائض والسنن خير من كثرة النوافل ورؤية

النفس فيها والامتنان بها لأن ذلك محل الاستدراج والخداع.

٣٣

قوله تعالى: { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة } الآية: ٣٣

قال ابن عطاء: اعتذار من اللّه إلى أنبيائه انه لم يزو عنهم الدنيا إلا لأنها لا خطر لها

عنده وانها فانية فآثر لهم الآخرة التي هي باقية وأهلها مبقون.

٣٥

قوله تعالى: { والآخرة عند ربك للمتقين } الآية: ٣٥

قال محمد بن علي الترمذي: الآخرة الجنة أي ما وعد اللّه في الآخرة من الخيرات

خير للمتقين لمن اتقى الشرك سرا وعلانية في ايمانه وأفعاله وأقواله.

قال أبو بكر الوراق: التقوى سراج القلب يدله على مواضع الخلل منه فيصلحه

ومن لم يكن له التقوى لم يكن له في قلبه نظر ولا بصر.

٣٦

قوله تعالى: { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا } الآية: ٣٦

قال سهل: حكم اللّه تعالى انه لا يرى قلب عبد يسكن إلى شيء سواه إلا أعرض

عنه وسلط عليه الشيطان فيضله عن طريق الحق ويعوقه.

قال ابن عطاء: من لم يداوم على الذكر فإن الشيطان قرينه ومن داوم عليه لم يقربه

بحال.

٤١

قوله عز وعلا: { فإنما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون } الآية: ٤١

قال يحيى بن معاذ في هذه الآية: للّه على عباده حجتان حجة ظاهرة وحجة باطنة

فأما الظاهرة فالرسل وأما الباطنة فالعقول.

٤٣

قوله عز وعلا: { استمسك بالذي أوحي إليك } الآية: ٤٣

قال ابن عطاء: أمر اللّه عز وجل النبي صلى اللّه عليه وسلم بالاستمساك والتمسك بالدين

وهو صلى اللّه عليه وسلم

الإمام فيه ولم يخل من التمسك بما أمر به لحظة لكنه خاطبه لرفيع درجاته وعظم محله

لتكون أنت متأدبا بآداب التمسك والاقتداء والاستقامة وتعلم أن مثله إذا خوطب بمثل

هذا الخطاب ما الذي يلزمك من الاجتهاد والمجاهدة.

٤٤

قوله عز وعلا: { وإنه لذكر لك ولقومك } الآية: ٤٤

قال ابن عطاء: شرف لك بانتسابك إلينا وشرف لقومك بالانتساب إليك.

سمعت عبد اللّه بن محمد بن علي بن زياد يقول: سمعت عبد اللّه بن محمد بن

أحمد بن زكريا يقول: سمعت أحمد بن سليمان الهروي يقول: سمعت هشام بن عمر

ابن أبي سلمة عن أبيه عن مالك بن أنس في قوله: { وإنه لذكر لك ولقومك } قال:

هو قول الرجل أبى عن جدي.

٥٥

قوله عز وعلا: { فلما آسفونا انتقمنا منهم } الآية: ٥٥

قال سهل: لما أقاموا مصرين على المخالفة في الأوامر وإظهار البدع في الدين وترك

السنن اتباعا للآراء والأهواء والعقول نزعنا نور المعرفة من قلوبهم وسراج التوحيد من

أسرارهم وركناهم إلى ما اختاروا فضلوا وأضلوا.

قال سهل: الاتباع الاتباع والاقتداء الاقتداء فإنهما كانا سبيل السلف وما ضل من

اتبع وما نجا من ابتدع.

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول عن ابن عطاء: من

لم يعز على عباده فليس بحكيم حال المعاصي لا له وانتقم منك لك لا له، وهل انتقامه

وغضبه إلا لتوفر حظه عليك.

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول عن ابن عطاء في

قوله: { فلما آسفونا انتقمنا منهم } قالوا: لما عصوا رسلنا انتقمنا منهم إذ كان عصيان

الرسل عصياننا وأسفهم أسفنا.

٥٩

قوله عز وعلا: { إن هو إلا عبد أنعمنا عليه } الآية: ٥٩

قال يحيى بن معاذ: أنعمنا عليه بأن جعلنا ظاهرة إماما للمريدين وباطنه نور قلوب

العارفين.

قال ابن عطاء: أنعمنا عليه بصحة الإخبار عنا وموافقتنا في كل الأحوال.

قال بعضهم: أنعمنا عليه بالتوفيق.

قال أبو الحسن الوراق: أنعمنا عليه بسياسة النفس ومنعها عن الشهوات.

قوله عز وعلا: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } الآية: ٦٧

قال ابن عطاء: كل اخوة وصلة منقطعة إلا ما كان في اللّه وللّه فإنه كل وقت في

زيادة لأن اللّه عز وجل يقول: { الأخلاء يومئذ } الآية، أي في انف يطاع وبغضة

إلا المتقين وانهم في راحة اخوتهم يرون فضل ذلك وثوابها.

وقيل في قوله: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } إلا من اجتنب

اخلاء السوء ووالى من والى في اللّه وخالل من خالل في اللّه.

٦٨

قوله عز وجل: { يا عبادي لا خوف عليك اليوم ولا أنتم تحزنون } الآية: ٦٨

قال ابن عطاء: لا خوف عليكم اليوم في الدنيا خوف مفارقة الإيمان ولا أنتم

تحزنون في الآخرة لوحشة البعد والمفارقة.

قال جعفر الصادق: لا خوف على من أطاعني في الأوامر والفرائض واتباع الرسول

فيما أمر: وأيضا: لا خوف في الآخرة على من خافني في الدنيا ولا خوف على من

أحبني وأزال عن قلبه محبة الاغيار ولا خوف على من صار وديعتي عنده وهو الإيمان

والمعرفة ولا خوف على من أحسن ظنه بي فإني أعطيه مأمولة والخوف يكون على

الجوارح والحزن على القلب من مخافة القطيعة.

٦٩

قوله تعالى: { الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون }

٧٠ ، الآية: ٦٩

قال سهل: بلذة النظر جزاء لما من عليهم من التوحيد عند تجلي المكاشفة لأوليائه

وهو الباقي مع البقاء ألا ترى كيف خصهم بالإيمان على شرط التسليم.

٧١

قوله تعالى: { وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين } الآية: ٧١

قال جعفر: شتان بين ما تشتهي وبين ما تلذ الأعين لأن جميع ما في الجنة من

النعيم والشهوات واللذات في جنب ما تلذ الأعين كأصبع غمست في البحر لأن شهوات

الجنة لها حد ونهاية لأنها مخلوقة ولا تلذ الأعين في الدار الباقية إلا بالنظر إلى الباقي

تعالى ولا حد لذلك ولا صفة ولا نهاية.

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: هذا الذي ذكر ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ثوابا

لأوليائه لم يقدر أحد أن يصفه كيف يقدر أحد على وصف المثبت.

سمعت النصرآباذي يقول: وأنتم فيها خالدون على شهوة النفوس أو لذة الأعين أن

كان خلودكم لهذين فالفناء خير من ذلك الخلود إن كان خلودكم لثناء اوصافكم

واتصافكم لصفة الحق ومقامكم فيها على سرور الرضا وانس المشاهدة فأنتم إذن أنتم.

وقال سهل: فيها ما تشتهي الأنفس من ثواب الأعمال وتلذ الأعين بما فضل اللّه به

من التمكين في وقت اللقاء.

٧٢

قوله تعالى: { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } الآية: ٧٢

قال ابن عطاء: الجنة ميراث الأعمال لأنها مخلوقة فوارث المثل مثله والكتاب ميراث

أصفيائه فإنهما صفتان من صفات الحق قال اللّه تعالى: { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا }.

٨٠

 قال تعالى: { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم } الآية: ٨٠

قال يحيى بن معاذ: من ستر للناس ذنوبه وابداها للذي لا يخفى عليه شيء في السماوات والأرض فقد جعل ربه أهون الناظرين إليه وهو من علامات النفاق، قال اللّه تعالى: { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم } ما يسرون من الذنوب { ونجواهم } ما يخفون من المعاصي بلى والكرام الكاتبون شاهد على ظواهرهم وأنا شاهد على بواطنهم، قال اللّه تعالى: { ورسلنا لديهم يكتبون } الآية: ٨٠

قال ابن عطاء: اعذرهم في جهلهم بحقك واتركهم لحرماتك وسلم عليهم ليسلموا من توابع البلاء عليهم.

ذكر ما قيل في سورة الدخان

﴿ ٠