٦-٨

قوله تعالى: { ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى } الآية: ٨ - ٦

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول:

قال ابن عطاء: معناه وجد اليتيم فآوى بك، ووجد الضال فهدى بك. ووجد العائل فأغنى بك،

وقوله: ووجدك ولا يكون الوجدان إلا بعد الطلب وكان طالبا في الأزل فوجده ثم أوجده سفيرا بينه وبين خلقه.

وقال أيضا: وجدك بين قوم ضلال فهداهم بك.

وقال أيضا: وجدك أي طلبت حتى وجدت، والمطلوب هو المراد في معنى الظاهر.

وقال أيضا: ألم يجدك متحيرا في مشاهدته فآواك إلى نفسه، وأعطاك الرسالة، ووجدك عائلا أي فقيرا بمشاهدة الخلق فأغناك بمكاشفته عن مشاهدتهم.

وقال سهل رحمه اللّه: وجد نفسك نفس الطبع فقيرة إلى سبيل المعرفة.

وقال ابن عطاء: وجدك فقير النفس فأغنى قلبك بغناه فصرت غنيا بغنى القلب عن النفس قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ' ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى القلب.'

قال جعفر: كنت ضالا عن محبتي لك في الأزل فمننت عليك بمعرفتي.

وقال ابن عطاء: الضال في اللغة هو المحب أي: وجدك محبا للمعرفة فمن عليك بها وذلك قوله في يوسف: { إنك لفي ضلالك القديم } يوسف: ٩٥  أي محبتك القديمة.

وقال الجريري: وجدك مترددا في غوامض معاني المحبة فهداك بلطفه إلى ما رمته في وجهك وهذا مقام الوله عندنا.

وقال ابن عطاء في قوله: { ووجدك عائلا فأغنى } أي ليس معك كتاب، ولا وحي فأغناك بهما، وأيضا وجدك غير عالم بما لك عنده من المنزلة فهداك له، وأغناك به.

وقال بعضهم: وجدك ضالا أي طالبا لمحبته فهداك لها.

قال بعضهم: وجدك جاهلا بقدر نفسك فأشرفك على عظيم محلك.

وأيضا: وجدك ضالا عن معنى محض المودة فسقاك كأسا من شراب القربة، والمودة فهداك به إلى المعرفة.

وقال الجنيد رحمه اللّه في قوله: { ضالا } أي متحيرا في بيان الكتاب المنزل عليك  فهداك لبيانه بقوله: { وأنزلنا إليك الذكر لتبين } النحل: ٤٤

وقال بعضهم: مستترا في أهل مكة لم يعرفك أحدا بالنبوة حتى اظهرك فهدى بك السعداء، وأهلك بك الأشقياء.

وقال: { ووجدك عائلا } أي: فقيرا لم تكن معك حجة حتى أيدك بالحجج، والبراهين.

وقال بعضهم: { ووجدك ضالا } عائلا أي: طاهرا في الخلق كأحدهم حالا، وجسما، وطبعا، حتى أكرمت بمحل الخصوص من المعراج، والكلام، والعيان، ورفع الصفة وتعليم المشاهدة في غير واسطة.

وقال الواسطي رحمه اللّه: إذا كان هو المعلاء في شرفه، فأين الضلالة، والهدى، والفقر، والغنى، والضعف، والقوة، واليتم، والإيواء؟ وكل أحد أقل وأولى أن يكون غيره تولى منه ما ظهر وما خفى.

وقال بندار بن الحسين: كنت قائما مقام الاستدلال فتعرفت إليك واغنيتك بالمعرفة عن الشواهد والأمة.

وقال ابن عطاء: وجدك ضالا عن الرسوم لا عن المعرفة.

وقال بعضهم: في قوله: { ووجدك يتيما } أي: واجدا الأمثل لك ولا نظير في شرفك ومهمتك فآواك إليه.

وقال بعضهم: ومن ضاله في قومه لا يعرفون مقداره فخصه بخصائص بره، وأظهر عليه مكنون فضله. فجعله عزيزهم وأظهر محله فيهم.

وقال بعضهم في قوله: { ووجدك عائلا فأغنى } أي وجدك مترددا بين الصبر والرضا فذلك علم الرضا، ونزهك عن مقام الصبر.

وقال بعضهم: في قوله: { ووجدك ضالا } أي طالبا لفضيلتك ضالا عنها فهداك إليها.

وقال بعضهم: مستور النبوة في أهل بيتك فكشف عنك حتى عرفوك نبيا ثم هدى بك وأضل.

وقال بعضهم: { ووجدك عائلا فأغنى } قال: كنت غنيا بالمعرفة فقيرا عن أحكامها فأغناك باحكام المعرفة حتى تم لك الغناء.

قوله تعالى: { ووجدك ضالا } تعرف قدر نفسك فأعلمك قدرك، ووجدك طالبا لمحض المودة فسقاك من شراب المودة بكأس المحبة حتى هداك به إلى معرفته.

﴿ ٦