٨

قوله تعالى: { خالدين فيها أبدا } الآية: ٨

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت الشبلي وقد سئل عن الأبد؟ فقال: الأبد البقاء الذي لا يزول، وإذا زالت الأسماء والصفات بزوال الخلق فإن اللّه باق بأسمائه وصفاته.

قال الحسين: الأبد إشارة إلى ترك القطع في العدد ومحو الأوقات في السرمد.

قوله تعالى: { رضي اللّه عنهم ورضوا عنه } الآية: ٨

قال الحسين: الرضا يكون لي قدر قوة العلم، والرسوخ في المعرفة، فكل قوى علمه كان من الراضين في معرفته ويكون قويا في حاله بقوة علمه، والرضا حال يصحب العبد في الدنيا والآخرة وهي حالة تصحبهم في الجنة لأنه منعمون بالرضا ويسألونه اللّه حتى يقول لهم: برضاي أحلكم داري أي: برضاي عنكم أرضيتكم وذلك الذي أحلكم المحل وليس كل الرضا محل الخوف والرجاء، والصيد، والإشفاق وسائر الأحوال التي تزول عن العبد في الآخرة، وحال الرضا والمحبة يصحبان العبد في الدنيا والآخرة، وهي حالة رقيقة لا يجدها إلا الأنبياء، والصديقون، وأكابر الأولياء من المؤمنين.

قال الواسطي رحمه اللّه: الرضا والسخط نعتان قويمان يجريان على الأبدان بما جريا في الأزل يظهران الوسمين على المقبولين، والمطرودين فقد بانت شواهد المقبولين بضيائهما عليهم كما بانت شواهد المطرودين بظلمتها لديهم فأنى ينفع، ومع ذلك

الألوان المصفرة والأقدام المنفخة، والأكمام المقصرة.

وقال الصادق عليه السلام في قوله { رضي اللّه عنهم } بما كان سبق لهم من اللّه العناية والتوفيق { ورضوا عنه } بما من عليهم بمتابعتهم لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقبول ما جاء به، وإنفاقهم الأموال والمهج بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

وقال الواسطي رحمه اللّه: استعمل الرضا جهدك، ولا تدع الرضا يستعملك فيكون محجوبا بلذته عن حقيقة ما يطالع بعد درجته.

قال محمد بن الفضل: الروح والراحة في الرضا، واليقين والرضا بأن اللّه الأعظم، ومستراح العابدين.

وقال سمى الرضا في رياضته العبد نفسه راضيا فانقادت ورضيت ممن استوى عنده المقضى والقضاء، والقاضي ورأى ذلك ذكرا ذكره به ربه بما تبين أوائل الصبر.

وقال محمد بن خفيف: ينقسم قسمين: رضا به، ورضى عنه فالرضا به ربا، ومدبرا باستغنائه عن كل ما سواه والرضا عنه فيما يجري، ويقضي، ويقدر، وهو من أصول التوحيد.

وقال بعضهم: الرضا رفع الاختيار.

وقال ذو النون: الرضا سرور القلب بمر القضاء.

وقال الحارث: الرضا سكون القلب تحت جريان الحكم.

وقال أبو عمرو الدمشقي: الرضا نهاية الصبر.

وقال أبو بكر بن طاهر: الرضا خروج الكراهية من القلب حتى لا يكون إلا فرح، وسرور.

وقال أبو سليمان الداراني: الراضي الذي لا يسئل اللّه جنته، ولا يستعيذ من ناره.

وقال ابن زانيار: رضا الخلق عن اللّه رضا بما يرد عليهم من احكامه، ورضاه عنهم أن يوفقهم الرضا عنه.

وقال بعضهم: لذكر اللّه أكبر أي: اقدم حين قال: { رضي اللّه عنهم ورضوا عنه }.

سمعت محمد بن أحمد بن إبراهيم يقول: سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت علي بن عبد الحميد يقول: سمعت السرى رحمه اللّه يقول: إذا كنت لا ترضى عن اللّه

فكيف تسأله الرضا.

قال الواسطي رحمه اللّه: الرضا هو النظر في الأشياء بعين الرضا لا يسخطك شيء إلا ما سخط مولاك.

سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا علي القلانسي يقول: الراضون ثلاثة:

راض بالقضاء عند نزول القضاء فهو مقتصد، وراض بالقضاء بعد نزول القضاء فهو ظالم.

وقال النوري: الرضا استقبال الأحكام بالفرح.

وقال ابن عطاء: هو النظر إلى قديم اختيار اللّه للعبد يختار الأفضل فيترك التسخط عليه.

قوله تعالى: { ذلك لمن خشي ربه } الآية: ٨

قال سهل: الخشية سره، والخشوع ظاهر.

وقال عمرو المكي: اشترط على الراضين الخشية في رضاهم عند ذلك أوجب لهم رضاه عنهم بأن يرضوا عنه ويخشونه في رضاه عنهم ولا يكون ذلك إلا بالاجتناب للمحارم وعقد موافقتهم لموافقته أن يكرهوا ما كره ويرضوا ما رضى.

ذكر ما قيل في سورة الزلزلة

﴿ ٨