٤

وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)

اختلف المتأولون فيمن المراد بهذه الآية وبالتي قبلها.

فقال قوم: «الآيتان جميعا في جميع المؤمنين» .

وقال آخرون: «هما في مؤمني أهل الكتاب» .

وقال آخرون: «الآية الأولى في مؤمني العرب، والثانية في مؤمني أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام، وفيه نزلت» .

قال القاضي أبو محمد: فمن جعل الآيتين في صنف واحد فإعراب وَالَّذِينَ خفض على العطف، ويصح أن يكون رفعا على الاستئناف، «أي وهم الذين» ومن جعل الآيتين في صنفين، فإعراب «الذين» رفع على الابتداء، وخبره أُولئِكَ عَلى هُدىً ويحتمل أن يكون عطفا.

وقوله: بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يعني القرآن وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يعني الكتب السالفة. وقرأ أبو حيوة ويزيد بن قطيب. «بما أنزل ... وما أنزل» بفتح الهمزة فيهما خاصة. والفعل على هذا يحتمل أن يستند إلى الله تعالى، ويحتمل إلى جبريل، والأول أظهر وألزم. وَبِالْآخِرَةِ قيل معناه بالدار الآخرة، وقيل بالنشأة الآخرة.

ويُوقِنُونَ معناه يعلمون علما متمكنا في نفوسهم. واليقين أعلى درجات العلم، وهو الذي لا يمكن أن يدخله شك بوجه وقول مالك رحمه الله: «فيحلف على يقينه ثم يخرج الأمر على خلاف ذلك» تجوّز منه في العبارة على عرف تجوّز العرب، ولم يقصد تحرير الكلام في اليقين.

﴿ ٤