١١٩فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (١١٨) وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (١١٩) القصد بهذه الآية النهي عما ذبح للنصب وغيرها وعن الميتة وأنواعها، فجاءت العبارة أمرا بما يضاد ما قصد النهي عنه، ولا قصد في الآية إلى ما نسي فيه المؤمن التسمية أو تعمدها بالترك، وقال عطاء: هذه الآية أمر بذكر اسم الله على الشراب والطعام والذبح وكل مطعوم وقوله إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ أي إن كنتم بأحكامه وأوامره آخذين، فإن الإيمان بها يتضمن ويقتضي الأخذ بها والانقياد لها، وقوله تعالى: وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا الآية، ما استفهام يتضمن التقرير، وتقدير هذا الكلام أي شيء لكم في أن لا تأكلوا، ف «أن» في موضع خفض بتقدير حرف الجر، ويصح أن تكون في موضع نصب على أن لا يقدر حرف جر ويكون الناصب معنى الفعل الذي في قوله ما لَكُمْ تقديره ما يجعلكم وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ أي قد بين لكم الحرام من الحلال وأزيل عنكم اللبس والشك. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم» على بناء الفعل للمفعول في الفعلين وقرأ نافع وحفص عن عاصم «وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم» على بناء الفعل للفاعل في الفعلين، وقرأ أبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي «وقد فصّل» على بناء الفعل إلى المفعول، وقرأ عطية العوفي «وقد فصل» على بناء الفعل للفاعل وفتح الصاد وتخفيفها، «ما حرّم» على بناء الفعل للمفعول، والمعنى قد فصل الحرام من الحلال وانتزعه بالنبيين، وما في قوله إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ يريد بها من جميع ما حرم كالميتة وغيرها، وهي في موضع نصب بالاستثناء والاستثناء منقطع، وقوله تعالى وَإِنَّ كَثِيراً يريد الكفرة المحادين المجادلين في المطاعم بما ذكرناه من قولهم: تأكلون ما تذبحون ولا تأكلون ما ذبح الله، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «ليضلون» بفتح الياء على معنى إسناد الضلال إليهم في هذه السورة وفي يونس رَبَّنا لِيُضِلُّوا [الآية: ٨٨] وفي سورة إبراهيم أَنْداداً لِيُضِلُّوا [الآية: ٣٠] وفي الحج ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ [الآية: ٩] وفي لقمان لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الآية: ٦] وفي الزمر أَنْداداً لِيُضِلَّ [الزمر: ٨] . وقرأ نافع وابن عامر كذلك في هذه وفي يونس وفي الأربعة التي بعد هذه يضمان الياء على معنى إسناد إضلال غيرهم إليهم، وهذه أبلغ في ذمهم لأن كل مضل ضال وليس كل ضال مضلا، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي في المواضع الستة «ليضلون» بضم الياء على معنى إسناد إضلال غيرهم إليهم، ثم بين عز وجل في ضلالهم أنه على أقبح الوجوه وأنه بالهوى لا بالنظر والتأمل، وبِغَيْرِ عِلْمٍ معناه في غير نظر فإن لمن يضل بنظر ما بعض عذر لا ينفع في أنه اجتهد، ثم توعدهم تعالى بقوله: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ. قوله عز وجل: |
﴿ ١١٩ ﴾